المدوّنة

العودة الى القائمة

لماذا تصبح عاشقاً لأفلام الرعب؟

08 مارس 2013

بقلم: كمام المعاضيد

إذا طلب مني أحدهم بأن أشاهد فيلم رعب، سأجيبه حتماً “آسفة، أنا مريضة”. لم أفهم مطلقاً ما هو الممتع في أن يقوم الإنسان بإخافة نفسه عن قصد، لذلك فكرت بأن استكشف بنفسي الأنواع المختلفة لأفلام الرعب لأحظى بفهم أفضل عن عالم الخوف هذا. وقد تفاجأت بأن هناك 10 أنواع من أفلام الرعب، ابتداءً برعب الأكشن والرعب الكوميدي وصولاً إلى الزومبي والرعب الدموي. يغوص صانعو الأفلام عميقاً في النفس البشرية ليخرجوا بمشاهد محفزة، وبالنظر إلى عائدات شباك التذاكر لافلام مثل “الحاسة السادسة” و “طارد الأرواح الشريرة“، بات من الواضح بأن العديد لا يستمتعون بالرعب فحسب، بل يعشقونه أيضاً.

‘The Exorcist’ (1973)

إن تجربة الخوف في بيئة تقع تحت السيطرة ربما يكون السبب الرئيسي لاستمتاع الناس بمشاهدة الرعب. إنه الشعور المميز جراء تدفق الإدرنالين في عروقك حيث تشاهد أحد الأشخاص يتعرض للسحق في أفلام الذبح (السلاشر) مثل “سكريم” (الصرخة) أو “كابوس في شارع إلم“، حيث يقوم قاتل متسلسل بقتل مجموعة من المراهقين. يستمتع آخرون بالدم وبمشاهد الرعب الدموية التي تظهر في أفلام مثل “المنشار“، الذي يستكشف علاقتنا بجسم الإنسان الذي يطرح سؤالاً: هل سنقطّع أنفسنا أو سنقطّع غيرنا لننقذ حياتنا.

‘A Nightmare on Elm Street’ (2010)

صدقوا ذلك أو لا، هناك أسباب أخرى لمشاهدة أفلام مثل “المنشار”. تظهر مجموعة من الناس الذين لا يحترمون الحياة أو يقدرونها، ونتيجة لذلك يتعرضون للخطف ويعذبون من قبل مختل عقلي ميت. وهنا يمكن لأي مشاهد عاقل أن يسأل: لماذا يحدث هذا؟ ما الذي دفع بهذا الرجل إلى هذا الجنون؟ يدفعنا هذا التساؤل أيضاً إلى أن نقيم انفسنا بقواعد أخلاقياتنا الخاصة ونرى كيف يمكن أن نستجيب للحالات المتوقعة في فيلم ما. إنه إنخراط المشاهدين في هذه الضرورات الأخلاقية التي تخلق نافذة للترفيه والجذب إلى عالم من الرعب والإظطراب النفسي للإنسان.

'Saw V' (2008)

هناك اهتمام كبير عند عشاق السينما بالرعب النفسي والذي يظهر في أفلام مثل “البريق” (ذا شايننغ) و “جوان: الحقد”. صمم هذا النوع من الأفلام لاختبار إيمانك وصحتك العقلية من خلال مكنونات العقل غير السوي لبطل الفيلم. أفلام أخرى في هذه الفئة صممت عن قصد لطمس عوالم الحقيقة والخيال، لتترك الجمهور في حيرة من أمره لمعرفة ما إذا كانت لقطات الفيلم حقيقية أو من ابتكار صانع الفيلم.

'Ju-on: The Grudge' (2002)

ساعد هذا الأسلوب الفريد في صناعة الأفلام بوضع استراتيجية فاعلة في التسويق لفيلم “ذا بلير ويتش بروجكت” حيث استخدم فكرة لقطات حقيقية لمنح الفيلم تأثيراً واقعياً ومشوقاً. ساهم هذا الفيلم في الترويج لهذا الأسلوب من صناعة الأفلام، ويمكن أن نشاهده في السلسلة الناجحة لأفلام “بارانورمال أكتيفيتي”.

يتفاعل الجمهور مباشرة مع أفلام يمكن أن تكون واقعية، ولذلك استقطبت أفلام رعب الطبيعة المشاهدين وحققت عائدات كبيرة على شباك التذاكر ومنها “الفك المفترس” و “أناكوندا”.

على عكس الشياطين والأشباح، الطبيعة كيان حقيقي واقعي واسع ومخيف. من خلال استخدام بيئتنا الخاصة ضدنا، يمكن لأفلام رعب الطبيعة أن تكون مخيفة وقابلة للتصديق. لا يمكننا السيطرة على الطبيعة، وبين الفترة والأخرى، نشاهد برهاناً ساطعاً على عدم استقرار الطبيعة والقوة الخارقة التي تكنزها من خلال الأعاصير والزلازل. يمكن أيضاً استخدام الحيوانات التي تعيش في الطبيعة في الأفلام لتعزيز الرعب والحد من القدرة على التنبؤ. وقد لا يستخدم صانعو الأفلام في هذا النوع الحيوانات المفترسة مثل القرش والأفاعي فحسب، بل يمكن أن يستخدموا أيضاً الحيوانات الأليفة التي تنقلب على البشر. في الفيلم الكلاسيكي “الطيور” الذي يعود لعام 1963، تتعرض بلدة بأكملها لهجوم أسراب الطيور في إشارة إلى سفر الرؤيا. هناك أيضاً الكلب المحبوب “كوجو” الذي أصبح مجنوناً بعد تعرضه لداء الكلب ليرعب عندها العائلة التي اعتنت به دائماً.

'The Birds' (1963)

فئة أخرى معروفة هي رعب الخيال العلمي، ومنها فيلم “الناس القطط” الذي عرض للمرة الأولى في الأربعينات. يستكشف الفيلم كيف يتعاطى الناس مع القضايا المحرمة للحميمية ويستحضر المعاني الخفية في الفيلم الذي يوضح للمشاهدين رؤية المخرج ورسالته المبطنة.

العديد من أفلام الرعب لديها مغزى أخلاقي. نظرية “الفتاة الأخيرة” مفهوم طورته كارول كلوفر في كتابها “الرجال والنساء والمنشار: التمييز الجنسي في أفلام الرعب الحديثة“، حيث تستكشف ظاهرة الفتاة الأخيرة التي تبقى على قيد الحياة وتكون الناجية الوحيدة من أحداث عارمة في أفلام الرعب التي لا تحصى. الشخصية الأخيرة غالباً ما تكون امرأة، وليست أي امرأة عادية، فهي لطيفة وظريفة تجسد كل معاني الخير في العالم وتمثل الأخلاق السامية وبالتالي فهي قادرة، أو يجب في الحقيقة، أن تبقى على قيد الحياة.

في المناسبات القليلة حيث يبقى الرجل في النهاية على قيد الحياة، يميل إلى أن يجسد الصفات والأخلاقيات نفسها. يمكن مشاهدة هذه النظرية بشكل كبير في أفلام السلاشر (الذبح)، منها مثلاً جيمي لي كورتيس في دور “لوري سترود“، والفتاة الأخيرة في “هالووين“، سالي هاردستي في “مجزرة منشار تكساس” أو نانسي تومسون في فيلم “كابوس شارع إلم”.

'The Texas Chain Saw Massacre' (1974)

في عصرنا الحالي تأقلم الناس مع أفلام الرعب الكلاسيكية، وأصبح لديهم حاجة لمشاهدة أسلوب جديد من صناعة الأفلام يمكن أن يلهم المشاهدين وخصوصاً عشاق الرعب. أفلام رعب الدم وأشهرها مصاصي الدماء والساحرات والمذؤوبون، أصبحت نوعاً من التشويق الخيالي أكثر من كونها أفلام رعب. لا تتمتع هذه الأفلام بتأثير أفلام “الدراكولا” في الثلاينات أو “المطاردات” في الستينات. يبحث عشاق أفلام الرعب الآن عن أفلام تشدهم في أوقات يقرأون فيها كل يوم عن الحروب والجرائم والتعذيب.

بغض النظر عن موقفك من هذه الفئات أو الحالة الحالية للرعب، من المؤكد من أنها ستكون من ضمن الأعمال السينمائية دائماً. بعد أن استكشفنا مختلف أنواع الأفلام، اكتشفت بأن بعض أفلامي المفضلة “الشيطان المقيم“، “العالم السفلي“، بليد” تندرج ضمن قائمة أفلام رعب الأكشن، ولذلك عندما يقول أحدهم في المرة المقبلة “لنذهب ونشاهد أحدث أفلام بارانومال اكتيفيتي“، سأجيب حتماً “سأفكر في الأمر”.

'Underworld: Evolution' (2006)

blog comments powered by Disqus