المدوّنة

العودة الى القائمة

بيتر وبر يصور أفلاماً ليوم قطر الوطني

15 ديسمبر 2010

(تصوير ريم صالح)

منذ إخراجه فيلم “جاسم” عام 2009، حول مؤسس دولة قطر الحديثة، استمر المخرج الذي ترشح لنيل جائزة أوسكار بيتر وبر، بإحياء تاريخ قطر من خلال الأفلام. مشروعه الحالي: ثلاثية أفلام تاريخية قصيرة حول ثلاث مصائب ألمّت بقطر في الفترة الواقعة ما بين عامي 1919 و 1939 – مجاعة، وعاصفة قوية، وتفشّي حاد لمرض الأنفلونزا. تم تصوير هذه الأفلام بكاميرا 35 مم، تحضيراً للاحتفالات باليوم الوطني القطري في 18 ديسمبر القادم.

وقد انضم ثلاثة خريجين من برنامج الاخراج السينمائي لمؤسسة الدوحة للأفلام إلى وبر خلال تصوير الأفلام الثلاث القصيرة. إليكم آراءهم حول عملهم مع مخرج عالمي، في موقع تصوير هذا المشروع الطموح للأفلام القطرية.

حميدة الكواري تتحدث عن تجربتها أثناء تصوير فيلم “المجاعة”

للترجمة العربية اضغط على

Famine - The Years Of Hardship

أقل ما يمكن قوله عن السير في ظلّ بيتر وبر، في حرارة الصحراء الحارقة، خلال عمله على فيلمه القصير “المجاعة” بمناسبة يوم قطر الوطني، هو أنه أمرٌ مفيد ومثير للاهتمام. إنه بالفعل يرقى للسمعة الطيبة التي يحظى بها، بكونه مخرجاً هادئاً ومتمتّعاً برباطة جأش. لم يكن فقط مرحّباً بتبادل أطراف الحديث والردّ على أسئلتنا خلال التصوير، مثلاً حول الأسباب التي أدّت به لأن يصبح مخرجاً سينمائياً، ومبادئ عمله مع فريق التصوير، وعشقه الواضح للسينما بشكلٍ عام، ولكنه شجعني أيضاً لأن أصبح جزءاً من فريق عمله. لاحظت ذلك الاهتمام البالغ المشترك ضمن أعضاء الفريق بالعمل، وكان هذا الأمر معدياً. فلقد شعرت أني أعمل لحساب شركة التصوير الاعلاني “سيريوس بيكتشورز”! بعد ذلك صرت أوزع قوارير المياه على الجميع، وأقوم بأي شيء يسهّل سير العمل.

أكثر ما أثّر بي خلال فترة التصوير كانت صداقة بيتر مع فريق عمله. كانت صداقتهم العميقة واضحة جداً للعيان، وأن هذه هي الطريقة الفضلى لإنجاز المشاريع. حين تثق وتحب فريق عملك، فإنه يكون وفيّاً لعمله بقدر ما تكون أنت وفياً، ويكرّس كل طاقاته لتنفيذ كل الواجبات التي تتوافق مع رؤيتك.
إحدى المواقف التي تعرّضت لها في هذه التجربة كانت حين سمعت مساعد بيتر، كريس، يتحدث عن لقطة “وسخة”. صراحةً، صُدمت. كنت أظن أن هذا الفيلم هو بمناسبة اليوم الوطني وبدلاً من اللقطات “الوسخة“، توقعت لقطات “شاعرية” تصوّر قصصاً من تاريخ أمتنا. لم أكن أعلم بأن لقطة “وسخة” تعني بأن يكون هناك شخص موجود في اللقطة! ولقطة “نظيفة” تعني بأنك تنظر من خلال عيون الشخصية الموجودة في اللقطة. طوال اليوم كنت أدوّن هذه المصطلحات السينمائية في هاتفي – وأكثرها إضحاكاً لقطة “جاي أف كاي” (نسبة لجون أف كندي)، وهي اللقطة المستجدّة التي لم تكن ضمن جدول العمل!

إضافةً إلى تجميع المصطلحات السينمائية في ذاكرة هاتفي، تعلمت أمراً هاماً آخر وهو أهمية التنظيم. فهناك حاجة ماسة إلى الخطط البديلة في أي تصوير سينمائي لأنه لا يمكنك أن تعرف مسبقاً ما سيحدث معك أثناء التصوير، لا سيما في بلد تعتبر فيه صناعة السينما أمراً جديداً. فلقد كان فريق بيتر يملك بدائل لكل لقطة في الفيلم. غير أن الدرس الأكثر أهمية كان متعلقاً بفريق التصوير، وهو أن يتوفر الطعام الجيد لكي يستمر بالعمل الجاد. أحضرت معي عدداً من فطائر الدونتس في الصباح، مما بثّ النشاط والحيوية في الجميع.

بعد أن أدركت كل تلك الأمور، أذكر أني قلت لبيتر مع غروب الشمس في أحد الأيام خلال تصويره إحدى المشاهد الأخيرة، “باستطاعتي أن أقوم بذلك حتى آخر يوم من عمري”. فابتسم بهدوء وأجاب “هذه بداية مبشّرة!”.

بدا بيتر وكأنه أزاح الستار وسمح لي باختلاس النظر إلى عالم أحلم بأن أكون جزءاً منه. السينما لها القدرة على تغيير الأفكار كما تلعب دوراً في تجديد الحراك الثقافي. لقد عززت هذه التجربة عطشي لأن أعمل على أن أصبح إحدى الأصوات البارزة للجيل الجديد في الصناعة السينمائية.

محمد ابراهيم يتحدث عن تجربته أثناء تصوير فيلم “العاصفة”

للترجمة العربية اضغط على

Infleunza - The year of Compassion

كان قضاء ثلاث أيام برفقة بيتر وبر وفريق عمله تجربة من العمر. كانت المرة الأولى التي أحضر فيها تصوير عمل ضخم، وبكاميرا 35 مم. جعلني ذلك أدرك أن هذه الفرصة قرّبتني أكثر من تحقيق حلمي. ليس فقط أني قمت لتوي بتصوير فيلم الأول، لكني كنت أتعلم أسرار المهنة من مخرج محترف ومشهور.

وبما أن هذا الأمر كان مختلفاً عما تعلمناه (كجيل جديد من المخرجين السينمائيين)، كان ذلك أشبه بتشرّبنا أكبر قدر ممكن من أي شيء وكل ما يمرّ أمامنا. وبما أن ما تعلمناه حتى الآن هو التصوير بالكاميرا الرقمية، فإن كاميرا الي 35 ملم هي عالم مختلف تماماً. لقد قرّبتني من الطرق التقليدية لصناعة الأفلام.

كان بيتر كريماً وأعطاني قدراً كافياً من وقته خلال التصوير، خصوصاً في بداية اليوم لسؤاله مثلاً عن حياته كمخرج سينمائي، وما الذي يتطلبه الدخول في هذا المجال.

في موقع التصوير، لاحظت سريعاً بأن الأجواء كانت احترافية وأن صداقةً قويةً كانت تجمع جميع أفراد فريق العمل. فلقد أكد بيتر بأنه من المهم بالنسبة له اختيار الفريق الصحيح للتصوير. في نهاية المطاف، كلما أحبك فريق التصوير أكثر، كلما زاد حماسهم وحرصهم على عملهم… مهما قضى الجميع وقتاً طويلاً في الضحك والمزاح!

كان العديد من أفراد فريق العمل أصدقاء ولكن ليس الجمي

أمير غونيم يتحدث عن تجربته أثناء تصوير فيلم “الانفلونزا”

للترجمة العربية اضغط على

Infleunza - The year of Compassion

لقد اختبرت لتوي أروع ثلاثة أيام في حياتي مع المخرج العبقري اللامع بيتر وبر، حين كان يصوّر ثلاثة أفلام قصيرة بمناسبة يوم قطر الوطني. في موقع التصوير، تدرك معنى الفن الحقيقي، والابداع، والاحتراف والتعاون. تعلمت كيفية الوثوق بنفسي وتشربت فكرة أن المخرج يفترض به أن يمتلك إجابات على أسئلة عديدة، وحتى التظاهر أحياناً بأن لديه هذه الاجابات.

أكثر الملاحظات التي حفرت في نفسي، خلال هذه الرحلة التعليمية المكثفة مع مخرج فيلم “الفتاة ذات القرط اللؤلؤي“، كانت الجواب على السؤال الذي كان يدور في رأسي، حول ما يتطلبه الأمر كي أصبح مخرجاً ناجحاً. قال لي بأنه يجب أن أعيش الحياة بطولها وعرضها. أن أقع في الحب، أن أكسر قلب إحداهن، وأن ينكسر قلبي. قال أيضاً أنه يجب علي التجوال كثيراً والتعرف على ناس كثيرين. يجب أن أذهب إلى إيطاليا والبيرو ومصر، وأن أعيش قصصاً جديدة هناك.

ثم أخبرته بأن العديدين نصحوني بمشاهدة الكثير من الأفلام، فقال إن هذا غير كافٍ. برأيه، إن أمضيت معظم حياتي بمشاهدة الأفلام، سينتهي بي المطاف لصناعة أفلام حول الأفلام. وهذا لا ينفع! تمنيت أن أكون فرداً في فريق عمله في المستقبل كي أتعلم المزيد ليس فقط عن السينما، بل أيضاً عن الحياة، وتطوير
الذات

blog comments powered by Disqus