بقلم ريم صالح، قسم الويب، مؤسسة الدوحة للأفلام

الفيلم: ميغانيه (نظارات)
إخراج: ناووكو أوغيغامي
بطولة: ساتومي كوباياشي، ميكاكو إيشيكاوا، ريو كازيه، كن ميتسويشي، ماساكو موتاي
النوع: كوميديا، دراما
مدة العرض: 106 دقيقة

هل داعبتكم يوماً فكرة الهروب من الروتين التافه والمتعب، والمغامرة بالذهاب إلى جزيرة بعيدة يصعب الوصول إليها؟

تلك رغبة تعمّ جميع الشعوب أينما كانت – وقد عالجها صناع الأفلام بطرق مختلفة على مر السنوات. منهم من صنع أفلاماً خفيفة وممتعة عن السفر إلى مكان غريب، أو مكان يشبه الذي صُوّر فيه الفيلم الذي نال نجاحاً باهراً عام 2010 “إيت، براي، لوف” (كل، صلّ، أحب). ثم هناك أفلام تتحدث عن عطل سارت في الاتجاه الخاطئ، نذكر منها الفيلم المستقل السوداوي “مارثا، مايسين، ماي، مارلين” (2011)، أو أكثرها شهرة “ذا بيتش”(الشاطئ) عام 2000.

غير أن فيلم الكوميديا السوداء “نظارات” أو “ميغانيه” باليابانية، للمخرج ناووكو أوجيجامي، فيقع في خانة جديدة. هذا الفيلم الذي شارك في مهرجان ساندانس عام 2008، ليس بالعمل السطحي ولا بالدرامي. إنه يروي قصة تايكو، أستاذة جامعية في متوسط العمر، تسعى لقضاء بضعة أيام هادئة على جزيرة غير معروفة. المكان الذي تتجه إليه هو تماماً ما تحتاجه، غير أن سكّانه – الذين يرتدون جميعهم النظارات – لديهم عادات غريبة الأطوار، تسبب لها الازعاج.

حينما تصل إلى النزل، بشكلها العصري الجامد الذي يعكس شخصيتها: فهي امرأة عاملة غير اجتماعية، تأمل بأن التخلي عن هاتفها الجوال سوف يحلّ لها مشاكلها، ويبعث فيها الهدوء الذي تنشده. إنها تتوقع أن تجد من يخدمها ويدللها على الجزيرة، لكنها تواجه شخصيات لا تتوقف عن انتهاك خصوصيتها.

تدخل تايكو إلى النزل، غير أن مالكته يوجي (كن ميتسويشي) لا تهمّ لالتقاط حقائبها، وبعد ذلك، تنضم إليها متطفلةً أثناء تناولها الطعام. في الصباح، تستيقظ تايكو لتجد امرأة مسنّة تدعى ساكورا تحدّق بها أثناء نومها، لتوقظها. تتسبب لها هذه التصرفات بالحيرة والاستغراب، فلا تجد بداً من مجاراتهم بدافع الاحترام. أما التسلية المفضلة الوحيدة والغريبة لدى المقيمين على هذه الجزيرة، فهي الجلوس والتحديق في السماء لساعات والتأمل.

لكن شكل العطلة التي تخيّلتها كان مختلفاً، لذا ترحل. لكن ساكورا التي تتأمل الناس وهم نيام، تذهب للبحث عنها، فتعود تايكو، بعد إدراكها بأن هذه الجزيرة ليست بهذا السوء، فتتخلص أخيراً من مزاجها العدائي. وفي لحظة ما من هذه المرحلة، تبدأ رحلتها الممتعة في بحر اكتشاف الذات.

والواضح أن فيلم “نظارات” هو تنديد المخرج بالمجتمعات الحديثة. كل عناصر الفيلم أخاذة وقادرة على إبهار الجمهور. التصوير التعبير، المشاهد الطويلة والجميلة لأبسط ملذات الحياة، كالتحديق بمياه المحيط، العزف على الماندولين، والتحضير وتناول طعام لذيذ. كل ذلك يجر الجمهور إلى حالة من التأمل إلى جانب شخصيات الفيلم.

من ناحية الشكل، تبدو الشخصيات في انصهار تام مع الطبيعة، في هذا الفيلم الذي تعمّد مخرجه أن يجعل أحداثه تسير بشكل بطيء. إنه الفيلم السابع الذي يخرجه أوجيجامي. يكمّل المناظر الطبيعية الآسرة، نص سينمائي يعجّ بالكوميديا السوداء والفكاهة.

وعلى عكس أفلام أخرى عالجت قضية الهروب، لم يتولّ فيلم “نظارات” مهمة صناعة العناوين العريضة لتعزيز السياحة في اليابان؛ إنه ليس من نوع الأفلام التي يبحث صانعها عن الانتباه والاقبال الواسع. ليس عليكم إلا أن تمضوا 106 دقيقة مع هذه الشخصيات. ربما لن تهرعوا إلى أجهزة الكومبيوتر لحجز عطلة لكم، بل قد يساعدكم على نسيان متاعب الحياة لفترة.

ستعرض مؤسسة الدوحة للأفلام، بالتعاون مع السفارة اليابانية فيلم “نظارات” في متحف الفن الاسلامي أيام 28 و29 يونيو، ضمن فعاليات مبادرة “قطر -اليابان 2012”.

للحجز أو الاطلاع على مزيد من المعلومات، انقر هنا.