الأساطير في الشرق الأوسط
09 يوليو 2012

Illustration of 'Aladdin' by Errol Le Cain.
بقلم شمير أليباي، قسم الويب، مؤسسة الدوحة للأفلام
من حين لآخر، علينا أن نذكر أنفسنا بأن الشرق الأوسط لديه تاريخ غني جداً بالأساطير. أما في أيامنا هذه، يبدو أننا لا نفعل سوى أن نستورد ونستهلك الأفلام الهوليوودية، لا سيما تلك المقتبسة عن الأساطير. ليس ذلك فقط؛ إننا نستورد تأويلات هوليوود لما هو في معظم الأحيان، قصصنا نحن.
أشهر ما عبثت به هوليوود هو قصص “ألف ليلة وليلة”. بدءاً من علاء الدين وعلي بابا، إلى السندباد وشهرازاد، تلك الشخصيات الشهيرة إضافةً إلى البساط السحري والفانوس السحري والجني، كلها جزء أساسي من المجموعة كما نعرفها اليوم. لكن الأمر لم يكن دائماً كذلك.
هل تعلم: |
|
أول إشارة لألف ليلة وليلة كانت في القرن العاشر في مؤلف ضخم ودقيق لبائع الكتب البغدادي ابن نديم. وفيه يقول إن قصة “ألف ليلة وليلة” ترجمت عن رواية فارسية قديمة تعرف بـ “ألف قصة”.
ولقد أضاف الكثير من الكتاب العرب إليها. وتشمل هذه التغييرات التي أجروها:
- إضافة قصص جديدة، معظمها مقتبس عن قصص كانت تروى شفهياً في ذلك الوقت
- جرت أحداث القصص الجديدة التي أضيفت، في بغداد في القرن التاسع وفي القاهرة ما بين القرن 12 و14.
- أبرز ما جاء فيها، ذكر بعض الحكّام، والأماكن والمنشآت، وأشياء أخرى شكّلت دليلاً واضحاً على الزمان والمكان الذي كانت فيه قصة ألف ليلة وليلة تتطور وتخضع للزيادات.
بكل الأحوال، إن هذا النوع من التصرفات يتكرّر كثيراً بين البشر، حيث نقوم بنسب بعض الأساطير والقصص إلينا ونضيف عليها من بنات أفكارنا وآمالنا وتطلعاتنا وصراعاتنا. فعلى سبيل المثال، وقبل ظهور الاسلام، حتى مع تعاقب حكام بلاد الرافدين (حيث تقع العراق والكويت اليوم)، بقيت الأساطير والآلهة متشابهة. لكن حين كانت دولة ما تحتل دولة أخرى، كانت الآلهة المهزومة تُضمن في أساطير الدولة المنتصرة. لذلك تشاطر السومريون والأكاديون والبابليو والفارسيون في بلاد الرافدين الكثير من الأساطير، واستعارت القصص من بعضها البعض، وحوّرت فيها، وربطت أساطير بأخرى.
هل تعلم: |
|
وكما حصل من قبل، أضيف الكثير إلى قصص ألف ليلة وليلة، هذه المرة من قبل الفرنسيين وأوروبيين آخرين. لم ينسبوا القصص لأنفسهم، وبدلاً من ذلك، بثوا فيها الكثير من الصور النمطية في قصص جديدة. لقد أقدم الفرنسي أنطوان غالار على ترجمة المؤلف ونشره، بعد أن أضاف عليه قصة السندباد التي لم تكن جزءاً من المؤلف الأصلي ما بين العام 1704-1706. وقد أحب الجمهور الكتاب والقصص الخرافية فيه. وزاد نهمهم وباتوا يطالبون بالمزيد.
لكن لم تتبق قصص أخرى لإضافتها. وبسبب طلب الجمهور النهم والأرباح التي حققها الكتاب، بدأ يكبر كلما صدرت طبعة جديدة. بعض هذه القصص التي أضيفت اشتهرت كثيراً ومنها قصة علي بابا والأربعين حرامي وعلاء الدين والفانوس السحري.
هل تعلم: |
|
ألا نملك قصة واحدة؟ ربما نملك وفي الوقت ذاته، ربما لا أحد يملك قصة خاصة به. إننا جميعنا نرتبط بقصة الانسانية التي نكن لها شغفاً، على الرغم من المبالغات والتأويلات التي تضاف إليها، من أجل مساعدتنا على فهم العالم من حولنا.
لم توجد الحضارات في العدم: لقد كانت محاطة بحدود نفذت منها الكثير من التأثيرات كالفنون، والثقافات الأخرى والأدب. إنه تماماً كالأحوال اليوم، ومن المهم أن يقدم رواة القصص من الشرق الأوسط على رواية قصصهم بدلاً من أن يسمحوا لغيرهم بأن يرووها عنهم.
حتى الفرس أنفسهم لا يقدرون على ادعاء ملكية قصص شهرازاد. حتى حين أضاف العالم الغربي على قصص ألف ليلة وليلة العربية والفارسية، قد تكون تلك القصص جاءت من الهند. بعض العلماء يقولون إن عدداً من القصص يشبه قصصاً قديمة كتبت بالسنسكريتية، كما أن الأسلوب الأدبي الذي اتبعته شهرزاد، وهو تضمين قصة داخل قصة، كان مستخدماً بكثرة في الهند، حتى قبل ظهوره في الأدب الفارسي أو العربي.
كل ذلك يجعل من قصة ألف ليلة وليلة أقدم رواية عالمية ضخمة.
في الخلاصة، ألف ليلة وليلة تشكل موضوعاً جيداً لدراسة التبادلات الثقافية التي حصلت في القدم، وحركة الترجمة والفلكلور، والصور النمطية الاثنية والاستعمار الأوروبي، والاستشراق، وتأثير الرأسمالية والتسويق على الابتكار الثقافي. دوايت أف رينولدز مؤلف كتاب “الفولكلور العربي”