المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: واجدا

16 ديسمبر 2012

بقلم ريم صالح من مهرجان دبي السينمائي الدولي

الفيلم: واجدا
إخراج: هيفاء المنصور
العام: 2012
بطولة: ريم عبدالله، وعد محمد وعبدالرحمن الجوهيني
مدة العرض: 98 دقيقة

بقلم ريم صالح من مهرجان دبي السينمائي الدولي

الفيلم: واجدا
إخراج: هيفاء المنصور
العام: 2012
بطولة: ريم عبدالله، وعد محمد وعبدالرحمن الجوهيني
مدة العرض: 98 دقيقة

بعد عرضه الأول في مهرجان البندقية السينمائي الـ69، شهد فيلم “واجدا” للمخرجة السعودية هيفاء المنصور عرضه الأول في العالم العربي في مهرجان دبي السينمائي الدولي.

ولقد حظي فيلم “واجدا” بالعرض المميّز الوحيد لفيلم مشارك في المنافسة بالمهرجان، تاركاً المتشكّكين فريسة التساؤل عن الطريقة الأفضل لمقاربته، لا سيما أن “واجدا” هو الفيلم الروائي السعودي الأول الذي تخرجه امرأة وهي هيفاء المنصور.

لحسن الحظ، لم يحتج المهرجان أو المخرجة إلى الدفاع عن أنفسهما، لأن الفيلم فاق كل التوقعات. الآن أقدّر الفخر الذي شعر به الخليجيون تجاه هذا الفيلم الذي سجّل فصلاً جديداً في تاريخ السينما الخليجية.

يروي هذا الفيلم المصوّر بكامله في المملكة، قصة الطفلة واجدا، 12 عاماً، التي تحاول ادّخار مبلغ من المال يمكّنها من شراء دراجة هوائية، في بلد لا يسمح للفتيات بذلك. وخلال هذه التجربة التي تعيشها، نتعرّف على الحياة الصعبة في ظل المجتمع والتقاليد المحافظة، في إطار بنّاء وتقييمي ذاتي.

اللافت أنه وعلى الرغم من دوران قصة الفيلم بشكل رئيسي حول حياة النساء، إلا أنه لا يتركك مع أدنى انطباع بأنه أحادي البعد، يقتصر على وجهة النظر النسائية فحسب، بل بالعكس. إن مقاربته المميّزة للأمور، تبيّن بوضوح أن المخرجة في الحقيقة تحب بلدها، وتعكس طابعاً مشتركاً بين معظم النساء.

وتتكشف لنا الحياة في البيوت السعودية، للمرة الأولى، برشاقة لا يقدر عليها إلا نصّ جيد. هذا النص ليس كالسيناريوهات المعتادة التي تجعل المرأة العربية والخليجية تبدو بشكل الضحية على الشاشة. وبدلاً من ذلك، نجد قراءة متكاملة للمجتمع السعودي، لا تطلق الأحكام عليه، من خلال عيون المخرجة وشخصياتها.

من شخصيات الفيلم، والدة واجدا، غير القادرة على إنجاب المزيد من الأطفال أو تقبّل زوجة ثانية محتملة. أما الزوج فهو مصوّر على أنه رجل مجتهد ووالد عطوف، يعيش تحت ضغط ضرورة إنجابة صبياً يحمل اسمه، لأنه لا يتم أخذ النساء بعين الاعتبار في شجرة العائلة.

شخصية مميزة أخرى نجدها في الفيلم وهي الآنسة حصّة، مديرة المدرسة التي تلعب دورها ببراعة المخرجة والممثلة السعودية عهد، والتي فازت مؤخراً بجائزة عن فيلمها الجريء “حرمة” في مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي. نجد أن حصة غارقة في نظام اجتماعي تطور على مرّ الأعوام إلى طبيعة ثانية تغذيها الفرضيات. حتى تعابيرها تظهر خالية تماماً من الاحساس، وكأنها إنسان آلي، تخرج ردود أفعاله كما هو مبرمج عليها. غير أن حصة وواجدا تتشابهان؛ إحداهما تملك روحاً حرة، والأخرى صورة عن شخصيتها المستقبلية التي ستستحكم بها في حال لم تتحل ببعض الجرأة لكس القيود وتخطي الحدود.

تلفتنا المخرجة أيضاً بطريقتها في مزج الرموز المستقاة من المجتمع الذي تعرفه جيداً، فهي أخذت وقتها في تطوير هذا النص المثير للاعجاب (5 سنوات). وهكذا، تمكنت من تصوير تفاصيل العلاقات، والتعليم والطموحات الشخصية، بحوار قليل لكن فعّال. مثال على ذلك، المشهد الذي تسمّع فيه واجدا سوراً من القرآن، يعتقد الجميع بطريقة عمياء أنها الحقيقة المطلقة، في حين أن ذلك ليس سوى وهماً. ففي الفيلم، واجدا لا تحفظ هذه السور إلا من أجل الفوز بالمسابقة، غير أن هذه السور كشفت عن دافع المخرجة في صناعة هذا الفيلم. إنها ولا بد تحاول أن تتوجه إلى مجتمعها من خلال ما يؤمن به، أي بكلام الله نفسه.

بداية مميّزة لمخرجة سعودية صاعد، وهو فيلم يجمع كل العناصر الايجابية في الصناعة السينمائية، من نص سينمائي إلى تمثيل إلى التنبه لكل الصور الرمزية. النتيجة هي فيلم يأخذك إلى قلب مجتمع لم يتمكن أحد من تصويره من هذه الزاوية المميزة والشخصية حتى الآن.

video#1

blog comments powered by Disqus