المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: الشبكة الاجتماعية (2010)

22 مارس 2011

بقلم ريم صالح، قسم الاعلام الجديد بمؤسسة الدوحة للأفلام

الفيلم: الأخبار الاجتماعية، والشبكة الاجتماعية
إخراج: ديفيد فينشر
بطولة: جيسيس أينزبورغ، أندرو غارفيلد، جاستين تيمبرلايك
النوع: دراما
العام: 2010

حين شاهدت فيلم “الشبكة الاجتماعية“، لم أشعر بمرور الساعتين من وقته. إنه قصة مؤسسي موقع فايسبوك الممتعة، بدءاً من الغرفة الصغيرة بحرم جامعة هارفرد وصولاً إلى ما أصبح ثورة تخطّت كل المقاييس، مؤثرةً على حياة الناس، وربما التاريخ. فالمشاهد يعرف القصة مسبقاً، لكن الأحداث والالتفافات، والتمثيل القوي، والسيناريو والموسيقى اللذيْن فازا بجائزتي أوسكار، لن تكف عن إدهاشه وإمتاعه. فيلم “الشبكة الاجتماعية” نزل في صالات الشرق الأوسط، في الفترة التي يشهد فيها اتساعاً سريعاً لتأثير تناقل الأخبار والمعلومات عبر الشبكات الاجتماعية، مسجّلاً اللحظة الكبرى التي لا تكف عن تشكيل العالم الذي نعيش فيه.

للترجمة العربية اضغط على

The Social Network - Trailer

المقطع الاعلاني لفيلم الشبكة الاجتماعية

في أوائل التسعينات، ظهر مصطلح جديد في عالم الاعلام. هذا المصطلح هو “مصنع القبول“، الذي ابتكره العالم اللغوي والمحلل السياسي نعوم تشومسكي، وهو أيضاً خبير إعلامي. ظهر هذا المصطلح أيضاً في الفيلم الوثائقي الفائز بجوائز “مصنع القبول: نعوم تشومسكي والاعلام، 1992”. وفي هذا الفيلم تحليل وشرح للتلاعب الذي تمارسه المؤسسات الاعلامية بكل أشكالها، لا سيما في فلترة الأخبار لأسباب اجتماعية واقتصادية وسياسية. ببساطة، أظهر تشومسكي للعالم أننا نشاهد ونسمع وقائع محرّفة ببراعة، ومقدمة إلينا تحت عنوان “الأخبار”.

video#2

ومع ظهور “الشبكات الاجتماعية“، لا بد أن يخسر “مصنع القبول” قبضته على الأخبار والمعلومات التي كانت لديه. وبفضل التبادل الجديد والحر للأفكار، عبر موقع فايسبوك والانترنت بشكل عام، يبدو العالم وكأنه دخل غرفة وهمية لا حدود لها: غرفة فيها الملايين من المتواصلين. هذه الوسيلة الجديدة في عالم التواصل الاجتماعي قرّبت المسافات، وأصبحت أداةً للتبادل بسرعة الضوء، بكبسة زر واحدة. أنت تقرر من تضيف على لائحة أصدقائك ويتم إمدادك بالأخبار التي تختار أن تقرأها أو تتبادلها. أي أنك باستطاعتك أنت نفسك أن تكون ظاهرة اجتماعية سياسية واقتصادية أخرى.

يمكنك أن تكون المصدر، القوة والصوت، كما سُجل مؤخراً في عالم الأخبار وهنا، في صحيفة الغارديان

وإن الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط، لا سيما سقوط أنظمة الحكم في كل من تونس ومصر، تؤكد أهمية هذه الوسيلة الاعلامية الجديدة. أحد مستخدمي موقع فايسبوك كتب معلقاً: “ظهرت الثورة قبل ظهور موقع فايسبوك بكثير”. هذا صحيح، لكن موقع فايسبوك ساعد في منحها زخماً دون شك. وإن حقيقة أن العديد من الأنظمة حاولت مؤخراً الحد من الدخول إلى هذا الموقع ومواقع أخرى، هو بحد ذاته الاثبات الأقوى على السلطة والأهمية اللتان يتمتع بهما. شاهد صورة لهذه الحقيقة هنا، أخبار من أفريقيا

كلنا رأينا كيف طرأ تغيير مفاجئ على الحياة السياسية اليوم، حرّكته القوة التواصلية الاجتماعية، كعلاج للطعن بالمحتوى الاعلامي التقليدي وفلترته. الفايسبوك على وجه التحديد ساعد في تداول الحقائق والأخبار والأرقام، وبات كل منزل متنبهاً لكل خصوصيات وعموميات التلاعبات التي تحصل. وباتت المجتمعات نفسها أكثر قوة على تغيير مصائرها.

أحد أفضل قدرات وسيلة الاعلام الجديدة هذه، وكتلة التمكين والقوة الاجتماعية، بدأت من فكرة في رأس طالب بجامعة هارفرد، مفادها أن يوجد مجتمعاً عبر الاعلام الاجتماعي. وقد كبر هذا المجتمع، متخطياً أبواب الحرم الجامعي، وحدود بلده الأم، إلى كل مكان في العالم.

وبرواية قصة نشأة الفايسبوك، خطى المخرج ديفيد فينشر خطوة أخرى في عالم ثورة الاعلام الجديد، وحوّلها إلى فيلم رائع، ومسلّ. ويبدو حتى الآن أن عالم التواصل الاجتماعي موافق على ذلك. فلقد فاز الفيلم بأكثر من 16 جائزة، من بينها ثلاث جوائز أوسكار. كما تلقى الكثير من التعليقات الايجابية. فعلى الموقع الخاص بالنقد السينمائي روتن تومايتوز ، حصل على 96% من التأييدات من أصل 267 نقداً سينمائي لهذا الفيلم، وهو ما تم تحديد نسبة درجاته بـ 9/10!. أحد المستخدمين علق بالقول: نصّه مكتوب بدون أي خطأ، وإخراجه رائع، والتمثيل فيه رائع. فيلم الشبكة الاجتماعية هو مثل ثابت ومتطلّع للاخراج الحديث في أجمل حلله”.

فيلم “الشبكة الاجتماعية” هو من الأفلام التي يجب مشاهدتها. إنه مسلّ، ممتع، بليغ في أسلوبه، ومصدر إلهام.

blog comments powered by Disqus