نقد سينمائي: الزواج الكبير
17 أبريل 2013

ريم صالح
الإحتفال بالزواج لأيام وليال غير معدودة يمكن أن يبدو مفهوماً بعيد المنال، لكن هناك تقاليد حول العالم تحتفل بالحب والزواج بأكثر من مجرد قول “أنا أقبل” (بالزواج). يقدم لنا المخرج السعودي فيصل العتيبي لمحة عن احتفالات الزفاف التي تدوم لحوالي أسبوعين لمواطنين من جزر القمر.
الفيلم من إنتاج الجزيرة الوثائقية، يكشف تقاليد “الزواج الكبير” حيث يحتفل الزوجان بالزواج بشكل كبير بعد عشرين عاماً من زواجهما الفعلي. إلى جانب إضافة الشعور بطول عمر هذا الزواج، فإن هذه الطقوس عادة قديمة تعود لقرون خلت تتيح للزوجين ضمان الإحترام والتمتع بالحالة الإجتماعية المرموقة في المجتمع. فالقيام بحفل زفاف متواضع في بداية الزواج هو احتفال مؤقت، حيث يحلم كل رجل بتسلق “سلم الحب” والإنضمام إلى مجموعة نخبوية من الرجال على قدر عال من الوقار والإحترام.
يدور الفيلم حول الإستعدادات والتحضيرات للزواج الكبير لرجل في متوسط العمر، لديه زوجتان وسبعة أولاد. كان يدخر المال لعقود ويخطط لهذه المناسبة الخاصة، التي من دونها لن يكون ضمن نخبة مجتمعه بغض النظر عن مدى بذله لمجهود كبير في عمله أو مدى إتقانه لمهنته. في الإحتفال يفصل الرجال عن الفتيان ويتم تحديد أشخاص مرموقين للدعوة إلى الحفل، بعدها يطلب من رجل من جزر القمر المشاركة في تجمع قريته ويدخل مسجد البلدة من باب خاص.
في المقابل، يحقق هذا الأمر بعد وقت عصيب من ادخار المال لمناسبة يمكن أن تكلف حوالي 40 ألف دولار أميركي. إلى جانب التقاليد الأخرى في الجزر ومنها الحرف اليدوية والرقص الفولكلوري، تتضمن الإحتفالات دعوة القرية بأكملها إلى الإحتفالات الفخمة وتبادل الهدايا الثمينة. يمكن للنفقات الإقتصادية للإحتفالات الكبيرة أن توجد تبعات خطيرة. ولا بد من الإشارة إلى أن الكثيرين انتقدوا الإحتفالات لأنها استثنت الأشخاص من ذوي الموارد المتواضعة من المشاركة في الحياة السياسية في الجزيرة وأدانوا كيفية تحديد المعايير الإقتصادية لقادة المجتمع في المستقبل.
لكن هذا الأمر لا يأخذ حقه في الفيلم، بل يركز العتيبي على المجتمع نفسه، وغالباً ما يكرر المعلومات ويركز على الرقصات والأغاني الفلكلورية في الجزيرة، وهي عناصر ثقافية تقليدية تساعد العادات المتبعة في الأعراس على المحافظة عليها. لكن عدم الرضا عن التقاليد يترك الجمهور من دون أجوبة لكثير من الأسئلة التي يودون معرفتها، ومنها إذا كان الزفاف الكبير يضم أموراً أخرى غير تلك التي تعرض على الشاشة.
ربما يكون الفيلم أكثر تأثيراً إذا تضمّن آراء من لا يوافقون على هذه التقاليد وكيفية تأثيرها على الرجال والنساء ممن لا يستطيعون تأمين المشاركة فيها. يحسب لفيلم “الزواج الكبير” محاولته لاختراق عرف إجتماعي، لكن أسلوبه المتواضع ونظرته السطحية تجعله ملائماً للعرض في فقرات ثقافية على التلفزيون فقط. وربما كانت قراءة أعمق لهذا الإحتفال قادرة على استكشاف الصراع الخفي وراء هذا الفرح.
Grand Marriage - Trailer