المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: تشاينيز تايك أواي (2011)

27 نوفمبر 2011

بقلم ريم صالح، قسم الاعلام الجديد، مؤسسة الدوحة للأفلام

الفيلم: أون كوينتو تشينو (تشاينيز تايك أواي)
العام: 2011
إخراج: سيباستيان بورنزستاين
بطولة: ريكاردو دارين، مورييل سانتا آنا، إيغناسيو هوانغ
النوع: كوميدي

يروي فيلم ‘تشاينيز تايك أواي’ قصة شخص غريب يصل إلى الأرجنتين ويجد نفسه بالصدفة يعيش مع رجل وحداني في متوسط عمره. غني عن القول إن العائق الأكبر الذي سيواجه الاثنين هو اللغة.

يعثر روبيرتو (ريكاردو دارين) ذو الطبع الغضوب، على الشاب المشوّش جون (إيغناسيو هوانغ)، الذي حضر من الصين، وهو يجول على غير هدى في الشوارع، محاولاً البحث عن عمه. تحلّ على روبيرتو لحظة نادرة من الشفقة، فيقرّر أن يقلّه في سيارته. يتبيّن بعد ذلك أن عم جون غيّر عنوانه، وبالطبع هذا يعني أن القادم الجديد لن يستطيع التجوال في المدينة وحده. فيعرض عليه روبيرتو أن يمكث عنده لليلة.

بات الشخصان المختلفان جداً في طريقة حياتهما يعيشان تحت سقف واحد. يدير روبيرتو محلّ خردوات ويمضي وقته في عد البراغي والصراخ على الموردين. كما يتضمن روتينه الممل شراء تماثيل الحيوانات الزجاجية كل سنة كهدايا تذكارية لوالدته المتوفاة، وجمع قصاصات القصص الغريبة من الصحف.

في المقابل، تعوّض شخصية جون الحيوية وطبيعته الخدومة في البيت عن عدم قدرته على التواصل اللغوي مع صاحب البيت العنيد. وعلى الرغم من أن كلامه غير مفهوم بالنسبة للجماهير غير الصينية، إلا أنه يتمكن من كسب تعاطفنا معه.

ويجدر القول إن وضع البطلين الذين يملكان شخصيتين مختلفتين بشكل صارخ، في الاطار ذاته، يخبرنا عن روبيرتو أكثر من جون. فخلال القصة التي يظهر فيها الاثنان، أو على الأقل في أجزاء منها، وهما يبحثان عن حل مشترك، نكتشف أنه كان يعيش حياته واضعاً قناعاً من العدائية، رافضاً الناس والعواطف خارج بيته الزجاجي، غير أن هذا القناع أكثر هشاشة من التماثيل الزجاجية الصغيرة التي يقتنيها. حتى حبه السابق ماري (مورييل سانتا آنا) كانت قضية خاسرة، لا سيما بعد أن حاولت مراراً وتكراراً استراجاعه دون جدوى.

وتكتسب القصة تأثيراً أشد وطأة حين يتم الكشف عن محتوى قصاصات الصحف التي يجمعها روبيرتو. ويتأرجح الفيلم بين واقعين: الصداقة الجديدة التي تتطور، وقصص المقالات التي تصبح حقيقة في خيال روبيرتو، والتي تضحكنا مواقفها – ففي أحد المشاهد، نرى أبقاراً تهبط من السماء على امرأة على وشك أن تتلقى خاتم الخطوبة.

كما تكتسب شخصية روبيرتو، الذي لا يكف عن محاولة التخلّص من ضيفه الصيني، المزيد من الزخم مع جون الذي يعيش معه، حيث تزيد انفعالاته في حضوره. وهذا يدل على حالة الرفض التي يعيشها. إنه يريد أن يعيش في الماضي وأن يعيش قصص الآخرين، حتى وصل أحدهم إلى عقر داره.

لا يروي الفيلم بالضرورة أحوال المغتربين في الأرجنتين في هذا الزمن، كما أنه ليس ترجمة سطحية كوميدية. إنها رحلة غريبة، مليئة بالسخرية، تحثنا على التحليل على أمل أن يحدث تدخل ما.

وقد قال إيغناسيو هوانغ، الذي حلّ ضيفاً على مهرجان الدوحة ترايبكا هذا العام، في صالون الاعلام الاجتماعي أن تجربة المشاركة في هذا الفيلم كانت ممتعة، كما أنه تشرّف بالعمل مع أشهر السينمائيين في الأرجنتين، وهذا ما حوّل عملية الانتاج إلى تجربة ممتعة ومليئة بالتحديات.

وقد جمع المخرج الأرجنتيني سيباستيان بورينزشتاين ما بين الحبكة المبتكرة وأفضل الممثلين. ويمكننا القول إن فيلمه الساحر، الذي يتضمن نداءً لكل من يأخذ الحياة على محمل الجد، طيب أكثر من أي تايك أواي صيني.

blog comments powered by Disqus