المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: نظرة على أعمال شيبويا مينورو السابقة

15 مارس 2011

بقلم باتريسيا داناهيو، منسقة العمليات والتنظيم بمؤسسة الدوحة للأفلام

نقد سينمائي: نظرة إلى أعمال شيبويا مينورو السابقة

في المهرجانات السينمائية فقط، تسنح لك هذه الفرصة النادرة لاختلاس النظر إلى المسيرات المهنية الحافلة للمخرجين أصحاب الرؤى. لذلك وبدلاً من مشاهدتي لأحدث الأفلام في السوق بمهرجان برلين السينمائي، قررت أن أتحول للمدرسة القديمة. فقد تضمن مهرجان برلينال هذا العام، نوعاً من الاضاءة على أعمال المخرج الياباني شيبويا مينورو السابقة. وبما أنه غير معروف تقريباً خارج اليابان، فكرت “لِم لا؟”. أحب أفلام الأبيض والأسود، كما أن اسمه طريف، بالاضافة إلى أن التعرف على كوروساوا سيزيد معلوماتي وغروري السينمائي.

تمكنت من مشاهدة ثلاثة أفلام من ثمانية كانت من ضمن البرنامج المعروض. إن مينورو الذي أخرج حوالي أربع دزينات من الأفلام، ركّز أعماله حول الحياة ما بعد الحرب في اليابان. ولقد تناول بشجاعة مواضيع العائلة، والجشع، والأخلاق، في عالم كافح لبناء نفسه. إن سخريته التي تميّزه واستعداده لإظهار المجتمع الضعيف والمتصدّع، سمحتا له بتنويع أعماله ما بين الكوميديا والسخرية والدراما. ومع ذلك كله، فإن مشاهدة أفلامه تشعرك وكأنه يتم إطلاعك على سر، أو أنك سائح يتم أخذه إلى المطعم المحلي المفضّل – قلب المدينة الحقيقي.

“عطلة الطبيب“، 1952
إنها كوميديا بالأسود والأبيض حول دكتور لديه مرضى في يوم عطلته أكثر من أي يوم آخر. يقفز الدكتور بمهارة، من غرفة طوارءئ إلى أخرى وهو يقدم شخصيات متنوعة كالمحارب القديم المجنون، ووالد مستقبلي مهووس بالقمار، وشاب مغرم بكتابة الرسائل. أدهشني كثيراً في هذا الفيلم قدرة مينورو على رواية قصة كل شخص وكل لحظة بطريقة موجعة وطريفة في الوقت ذاته. فقد عالج مواضيع صعبة، وباعثة على اليأس ومواضيع أخرى مثيرة للجدل بطريقة طريفة، لكن دون أن يبدو عليه عدم الاهتمام بمدى خطورة المواقف التي تجد شخصياته نفسها فيها. كان الأمر أشبه باحتماله الضحك والبكاء، لا سيما في المشهد الجميل الأخير – وهو ما مثّل التوازن ما بين وجهات النظر المختلفة في الفيلم.

ناس عصريون، 1952
إنه فيلم درامي وأحد أشهر أفلام مينورو، بفضل قوته وطوله والمعاني التي يمثلها. إنه يحكي قصة والد طيب بطبيعته، يعيش حياة الفساد، والخيانة الزوجية واليأس في خضم كفاحه للعيش مع زوجته المريضة، وعمله غير المنتج، وابنته الساذجة التي يريد حمايتها من كل ذلك. وبسبب اعتقاده باستحالة الهروب من هذا البؤس، يستمر الوالد في هذا الطريق دون أن يحاول فعلياً تغيير مساره، يتآكله الشعور بالذنب. ويتبعه في هذا الأسلوب زميل شاب جديد في العمل، حتى يقع في حب ابنته. وتتملك الشاب رغبة في إعادة العائلة المثالية للابنة، فيقرر إنقاذ والدها بأن يتفوق عليه في الفساد. ينتهي الفيلم بأسوأ سيناريو يمكن أن ينتج عن الخيارات الخاطئة التي تحدث المزيد من الثغرات، وفيه يلقي مينورو الضوء على المنطق الملتوي الذي يتآكل أبناء زمنه. كما يظهر في الفيلم أن الطريق إلى الجحيم مرصوف بالنوايا الحسنة، بالاضافة إلى أن التكفير عن الذنوب يجب أن ينتهي بالتضحية بالذات.

أيام النساء الشريرات 1958
تجتمع عائلة مفككة بطريقة طريفة في آخر فيلم من أفلام شيبويا مينورو الثلاثة التي حضرتها. تشعر عشيقة رجل عجوز وغني وبخيل بالسأم لأنه لم يمت ويترك لها كل ثروته منذ أعوام حين ظنت أنه سيفعل ذلك. فتخرج سيدة الغيشا كل ما عندها من كيدها النسائي، مستعينةً بزبون قديم للتخلص منه. غير أنها ليست الوحيدة التي تركب قطار الجريمة هذه، بل يرافقها أيضاً ابنتها، ابن شقيق زوجها، بالاضافة إلى قاتل، في التخطيط لتنفيذ الجريمة. لكن مهما حاولوا فإن المليونير العجوز لا يموت. وتتوالى المحاولات المضحكة، ويتحول معها الفيلم إلى سباق لمن ينال الثروة أولاً. إنه نظرة طريفة على صفات الجشع وديناميكية العائلة، ينقل لنا مينورو عبره قصة لا مخرج لها، يستحق كل أبطالها ما يحدث لهم.

blog comments powered by Disqus