المدوّنة

العودة الى القائمة

سيرة ذاتية بلمسة خاصة: "مشروع نيم" للمخرج جيمس مارش

24 مارس 2013

image31

بقلم نيكولاس ديفيس

عندما يثار أي نقاش حول الأفلام الوثائقية مؤخراً، فأول الأفلام التي تحضر إلى فكري هي “المشروع نيم” (2011) للمخرج جيمس مارش الذي فاز بجائزة أوسكار أفضل فيلم وثائقي عن فيلمه “رجل على السلك” (2008).

الفيلم مقتبس عن كتاب “الشامبانزي نيم: القرد الذي مكن أن يصبح إنساناً” للكاتبة أليزابث هيس، ويروي قصة ساحرة وصاخبة وفضائحية، وفي بعض الأوقات مرحة ولكنها في النهاية مأساوية لقرد شامبانزي صغير يدعى نيم.

بعد ولادته بوقت قصير في عام 1973، انتزع نيم من احضان أمه (إعادة تمثيل هذه اللحظات الحميمية تربط المشاهد بقوة بالقرد؛ وتنذر بسوء الإستغلال العاطفي الذي سيظهر لاحقاً بالفيلم)، وأخذ إلى مختبر جامعي للغات حيث أصبح موضوع تجربة ربما تكون مهمة ولكنها في النهاية معيبة. فإذا نشأ قرد صغير وكأنه إنسان، هل سيكون قادراً على تطوير مهارات لغوية؟

بمرور الوقت ومع التعليم، طوّر نيم فعلاً قدرة على استخدام لغة الإشارة للتواصل، ربما مع تعقيدات أكثر أو أقل وذلك بحسب الشخص الذي يسأل. ومن خلال المقابلات مع مقدمي الرعاية للقرد – وجميعهم طوروا علاقات مركبة مع القرد – خلال فترة حياته، نكتشف بأن لهذا الشامبانزي مشاعر مركبة وذكاء حاد. أقام القرد نيم صداقات حميمية مع البشر وغيره من القردة، وتميز بصفاته المختلفة: فيمكن أن يكون مرحاً، ودوداً، متسامحاً، مشاكساً، غاضباً، عنيفاً، أو متلاعباً. ولكن ربما يكون الأمر الأكثر أهمية هنا، هو أن نعلم بأن هذا القرد الصغير يشعر بالأذى وتجرح مشاعره عند خيانة ثقته من أي أحد كان.

الآن، القردة الصغار رائعون. القردة الذكور البالغون عدائيون، قويون، ويمكن أن يكونوا خطرين. بعد واقعة خطيرة للغاية، قام نيم وهو في حالة غضب شديدة، بنهش أحد مقدمي الرعاية – ما دفع القائمون على تجربة اللغة إلى إيقافها. لم يعد المختبر بحاجة إلى القرد بعد الآن، فهو لم يعد مفيداً، ونبذ من قبل من كانوا يعتنون به وشحن إلى ملجأ للحيوانات. هناك، أقام نيم صداقات جديدة، وبعدها، في واحدة من الموجات العاطفية العديد في الفيلم، ينجح في تجنب بيعه لمختبر أبحاث طبية – وهو قدر لم يستطع زميله الهرب منه. عاش نيم باقي أيامه وحيداً وكئيباً، في مزرعة تأوي الحيوانات.

على الصعيد العالمي، يمثل الفيلم الحالة التي تظهر بأن بحث اللغات الذي أقيم على نيم كان علماً سيئاً بالرغم من مدى أهميته ومدى حسن النية والمقصد، وان هذه التجربة لم تدرس بشكل جيد ووثقت بطريقة ضعيفة، وبالنهاية خرجت بلا نتيجة. أكثر من ذلك، استغلت التجربة ثقة مخلوق تعرض لسوء استغلال عاطفي لم يشف منه أبداً.

تقول جويس باتلر أحد مقدمي الرعاية والتدريب للشامبانزي نيم “أنا أؤمن جداً بأننا قدمنا التزاماً له وفشلنا في هذا الإلتزام. لقد قمنا بخدمة سيئة جداً إلى تلك الروح. وهذا عار علينا”. ربما ما يظهره لنا الفيلم وبكل وضوح هو بأننا نحن البشر يمكن أن نكون مشاكسين وعدائيين ومتلاعبين تماماً كالقردة، وبشكل عام أقل تسامحاً. نحن الذين نملك القوة الأكبر والسلطة، ونحن غالباً لا نفكر بغيرنا، ونكون أنانيين، وفي بعض الأحيان أغبياء وقاسيين.

blog comments powered by Disqus