مهرجان كوميك كون وأفلام الشرق الأوسط
30 أبريل 2012

الدورة الاولى
بقلم أميلي ريوبوش
أقيم في مؤخرا المنصرم في دبي مهرجان كوميك كون وأفلام الشرق الأوسط الأول، وبالطبع قامت مؤسسة الدوحة للأفلام تغطية الحدث، وكان جزءاً من مهمتي أن أكتب قطعة للتعريف بكوميك كون. قد يبدو للوهلة الأولى بأنه سؤالاً لا يحمل الكثير من المعاني، ولكنه يمكن أن يكون مضللاً.
كوميك كون حدث يقام سنوياً في سان دييغو منذ العام 1970، استقطب في بداياته بضعة مئات من الأشخاص فقط. تأسس الحدث على يد أربعة أشخاص مهتمين بكتب الرسوم الكوميدية (الكوميك كون)، فقبل تأسيس الاستديو الكبير للتحريك بتقنيات الكمبيوتر وعالم الملايين لألعاب الفيديو، كانت هذه الكتب الوسيلة الأكثر استخداماً للولوج في عالم الخيال. أصبح الحدث هذه الأيام عالماً ضخماً يستقطب أكثر من 120 ألف معجب من كافة أنحاء العالم، بل أصبح بمثابة مزار يفد إليه الناس من كل بقاع الأرض. لمزيد من المعلومات حول هذه الظاهرة، أنصح بشدة مشاهدة الوثائقي كوميك كون الحلقة 4: أي فانز هوب لمورغن سبورلك.
لكن نسخة الشرق الأوسط، وهي الأولى من نوعها لهذا النوع من الفن، يمكن أن تكون أي شيء، ولم أستطع بكل صدق أن اكتب عن هذا المفهوم قبل أن أرى كيف تعد. لقد استغرق التحضير لهذا الحدث وقتاص طويلاً، لكنه أخيراً خرج إلى النور هذا العام. طرحت العديد من الأسئلة منها، كم عدد الجمهور الذي يمكن أن يحضر كوميك كون، هنا؟
يعتمد عالم الكوميك في جوهره على عالم الأساطير، وتتمتع المنطقة بتاريخ حافل في هذا المجال، مع وجود أعمال مثل “الشهنامة” للشاعر الفارسي الفردوسين حيث كان لها تأثير كبير على الميثولوجيا والفولكلور في العالم أجمع، كما في “سيد الخواتم” (لورد أوف ذا رينغز) لـ تولكينز. هذه الأيام يستقطب فيلم كوميك كون “الأبطال الـ 99” المستوحى من تعاليم الإسلام جمهوراً من أعمار متقدمة، بينما يحظى “فريج“، الذي يعرض شخصية المرأة التقليدية، بشعبية كبيرة في أوساط الشباب. غرندايزر، فيلم الكرتون الشعبي الاول قدّم هذا النوع من الفن إلى الخليج منذ عقود. وبالرغم من ذلك، لا يزال هذا النوع قيد التطور. بالرغم من أن عمل سان دييغو الأصلي تغير (مع استياء البعض) من كوميك كون المعتاد إلى احتفال بجميع اشكال ثقافة البوب، هدف مهرجان كوميك كون وأفلام الشرق الأوسط الأول إلى اتباع ذلك النهج. من بين أبرز نجومه جهاد الأطرش، ماكس لاندس كاتب كرونيكل، جون ريس ديفس الذي لعب دور جيملي وهي المرأة المعروفة بالملكة كوسبلي من الفلبين، وغيرهم، وبالتالي فإن النجوم من الشرق والغرب حضروا بشكل لافت. هل يتناسب هذا مع هذه الفئات فقط ؟ هناك الكثيرمن الوافدين في هذه المنطقة سيحضرون المؤتمر، ولكن هل سيأتي المواطنون؟
عندما وصلت إلى نادي المارينا الدولي في دبي قبل ظهر اليوم الأول، كان الحشد بسيطاً ولكن مشجعاً. لم يكن المكان المؤلف من طبقتين أنشئتا بشكل مؤقت ضخماً بأي شكل من الأشكال، لكن بدا أنه مليىء جيداً. كان هناك العديد من بائعي الكتب، بائعي الأزياء الخاصة بالكوميك، مروجي الشخصيات الكرتونية والناشرون المحليون في الطابق الأرضي، بينما امتلأ الطايق العلوي بالفنانين الصاعدين والكتاب الذين يبيعون قصصهم، بالإضافة إلى منطقة للعب ومساحة خاصة بمعجبي عالم الحروب لرسم شخصياتهم الصغيرة بينما يحتفلون مع المعجبين الآخرين.

في البداية، كان الممثلون بشكل رئيسي من الصغار ، يلبسون أزياء عشوائية لأنهم فقط يستطيعون ذلك. يعود ارتداء الناس لأزياء أبطال الكوميك إلى الأوقات الماضية حيث يرتدي النالس لباس شخصياتهم المفضلة، وينفقون الكثير من الوقت والمال لتصميم الأزياء المقلدة ويعيدون تمثيل شخصيتهم البطولية من عالم الخيال. ولأن هذا أمر لا يؤخذ غالباً على محمل الجدّ، فقد تقرر في السابق بأن نوعية وكمية ممثلين هي التي تحدد علامة النجاح أو الفشل. أمضيت بعض اللحظات المشوقة وأتساءل ما إذا كان الحشد الغفير الذي يرتدي نصفهم هذه الأزياء، أفضل ما يمكن لدبي أن تقدمه. أتينا على أمل أن نكون جزءاً من بداية ناجحة، بداية أمر رائع وحدث يعتبر محطة مهمة للفنانين المحليين وعشاق هذا الفن من المواطنين. إنها ليست مسألة استيراد الأفكار أو نمط شخص آخر، بل خلق منصة للأصوات القادمة من الخليج.
كان هناك بعض الفعاليات الصغيرة خلال اليومين منها مسابقة كاروكي (العدد الإجمالي للمشاركين كان أربعة واحد منهم من المنظمين)، مسابقة مسيرة زومبي، ادعى فيها لوري هولدن في “الموتي السائرون” أنه يرسل المتسابقون إلى موت زومبي فظيع، جايسون موماو في لعبة الكراسي، وكونان البربري الذي صنع مفاجأة بظهوره على المسرح فترك الفتيات يحمرون خجلاً، والعديد من العروض الأخرى قدمها راقصو بريكدانس بمشاركة الحضور، بالإضافة إلى الكابتن جاك سبارو الذي قدم عرض الطاحونة الهوائية.
توجهنا إلى الغداء متأخرين، وعند عودتنا الساعة الرابعة، كان المكان مليئاً! مررنا بمجموعة كبيرة من معجبي حروب النجوم المستعدون لمسابقة أزياء الشخصيات الأولى من نوعها في المنطقة. واجهنا فتى يحمل جناحين بعرض 4 امتار، ووجدنا مكاناً ضيقاً على العشب أمام المسرح بين فتاة فتحت عباءتها لتظهر شعار سوبرمان S على قميصها، وبين مجموعة من لاعبي النينجا.
بلغ عدد المشاركين في مسابقة عرض أزياء الشخصيات الكرتونية أكثر من 60 مشاركاً، وبعد بداية غير منظمة، كتب الحكم ماكس لاندس تعليقات سريعة على مفكرته ورفعها فوق رأسه ليريها للجمهور، عندها بدأت المسابقة تأخذ مسارها الصحيح. البعض أحضر موسيقاه الخاصة ورقص وغنّى بعض الأغاني، البعض تبختر على المسرح وهدد الحشود بسلاحه المصنوع يدوياً، والبعض تجمد تحت الأضواء. وفي لحظات قليلة امتلأت الساحات المحيطة بالمعجبين الذين شجعوا الشخصيات بحرارة مثل ناروتو وحفار القبور (undertaker) بغض النظر عن جودتهما. يجب أن أعترف بأني لا أملك إلا القليل من المعرفة عن هذه الشخصيات، لكنت أعجبت بشجاعتهم للصعود إلى المسرح بهذه الطريقة. في النهاية، فاز ديمون جين (ذو الأجنحة الكبيرة بعرض 4 أمتار) بالمسابقة ووقف الجميع لها مصفقاً.
شهد الحدث حلقات نقاش، ورش عمل، وعروض أفلام منها ستار تريك وماتريكس. لا يزال هناك الكثير من التطور الذي يمكن أن يشهده هذا الحدث الذي يجمع الناس من الغرب والشرق، لكن ردود الفعل والإستجابة له أثبتت أن هناك الكثير من الإهتمام من المنطقة لدعم هذه القضية. بالتأكيد، لم يحشد كوميك كون الأول في الشرق الاوسط العدد الذي شهده سان دييغو. لذلك واصلوا مراقبة دبي، لان هذه القصة لم تنته بعد ولا تزال مستمرة.