المدوّنة

العودة الى القائمة

محمد الابراهيم في موقع تصوير الذهب الأسود

29 يناير 2011

ذهبت إلى تونس في التاسع من ديسمبر 2010، في المرحلة الأولى لتجربة لا تصدق بموقع تصوير فيلم “الذهب الأسود“، الذي يخرجه جان جاك أنوه. كان قد تم إرسالي كمتدرب من مؤسسة الدوحة للأفلام، لأتعلم بالدرجة الأولى أمور الانتاج السينمائي.

التجربة برمتها كانت ما أنا بحاجة إليه تماماً. كمخرج شاب، تواجدت في المكان الذي كنت بحاجة إليه تماماً؛ في موقع تصوير فيلم ضخم، بين خبراء ومحترفين وطلاب في مجال السينما، أو متخرجين جدد من الكليات السينمائية، فتمكنا بسرعة من التواصل مع بعضنا البعض.

منذ اليوم الأول، شعرت أنه مرحب بي وأني أنتمي إلى فريق العمل. في بادئ الأمر، تعارفنا على بعضنا البعض، وعلى وظائفنا، وكيف تجري أمور التواصل والهرمية الوظيفية في موقع تصوير فيلم سينمائي.

Mohammed Al-Ibrahim and Tunisian 1st Assistant Director Moez Hassan


في الأسبوع الأول، اكتفيت بالمراقبة. أدهشني التشابه بين طريقة عمل الانتاجات الكبرى وطريقة أفلام العشر دقائق التي عملنا عليها في الدوحة. كان المبدأ نفسه، لكن على مستوى أكبر، مع عدد من الأدوار يفوق أدوار مواقع تصويرنا في الدوحة بأربع مرات.

شكلت اللغة حاجزاً لي في البداية. مع وجود فريقي عمل، أحدهما فرنسي والآخر تونسي، كانت اللغة المتداولة في موقع التصوير هي الفرنسية التي أفهمها أكثر مما أتكلمها. كما أن التونسية مختلفة تماماً عن اللهجة القطرية، واستغرقت بعض الوقت لاستيعابها. باستطاعتي القول إنني أتكلمها بطلاقة الآن!

بعد الأسبوع الأول، بدأت بتلقي المهام والمسؤوليات من مختلف أعضاء فريق العمل، وسُمح لي بالتنقل يومياً بين الأقسام المختلفة. وقد أتاح لي ذلك إمكانية الاطلاع على مختلف الأدوار الأساسية في الأقسام، ومسؤولياتها، وكيف تتواصل مع بعضها البعض ومع مكتب الانتاج. عرفت بأن مكتب الانتاج هو مبدئياً “مركز القيادة” لموقع التصوير. تحال المعلومات دائماً إلى القسم المتخصص ومكتب الانتاج. هكذا تجري مراقبة كل شيء.
كان الأمر مثيراً جداً، لأنني أدركت بأني سأقوم بعمل مختلف ليست لدي أية فكرة عنه، إلى حين أتواجد في موقع التصوير. قد أحضر يوماً ويتم إرسالي إلى وحدة الملابس، وفي اليوم التالي قد أعمل مع المساعد الثاني للمخرج، مدير التصوير، وحدة التصوير، أو الصوت، مع الحيوانات، أو حتى في قسم النقليات.

أكثر ما سحرني في هذه التجربة برمتها كان مشاهدة كيفية التخطيط للمشاهد. هناك برنامج يحدد المشاهد التي سيتم تصويرها كل يوم. بعد قراءته مراراً وتكراراً ورؤية جان جاك وهو يعمل، يتكشف لك أسلوبه في الاخراج، وكيف يريد للمشهد أن يبدو.

راقبته عن قرب ولاحظت بأنه في المشاهد العاطفية والدرامية، يحضر معه لائحة بالمشاهد، حضرها سابقاً، ويعرف تماماً كيف يريد أن يتم تصويرها. في المشاهد الأخرى، يختار لحظة تصويرها كيف يريد أن يخرجها، كما يعطي الممثلين حرية الارتجال – ضمن المعقول طبعاً.

ليس بمقدوري أن أبدأ بشرح مدى حماسي لبدء الفصل الثاني لرحلتي الملحمية – التصوير في خور العديد الذي سيستمر أربعة أسابيع. يبدأ التصوير في 3 فبراير 2011.

لست فقط عضواً معترفاً فيه بفريق التصوير، ولكني أيضاً أحضر لأداء دور قصير ربحته في العام 2010، في اختبار مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي، للمثلين الصاعدين. أنا فخور وسعيد وممتن كقطري لكوني أخرج للعالم عبر فيلم “الذهب الأسود”.

محمد الابراهيم، طالب إخراج سينمائي

blog comments powered by Disqus