المدوّنة

العودة الى القائمة

مقابلة: رشيد بوشارب

18 أكتوبر 2010 — المهرجان السينمائي

سيفتتح مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي لهذا العام، فيلم الملحمة التاريخية “خارج عن القانون” وهو العرض الأول له في منطقة الشرق الأوسط، بعد أن أثار ضجةً كبيرةً في مهرجان كان السينمائي في وقت سابق من هذا العام ، لتصويره النضال الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي.

ولقد أخرج رشيد بوشارب حوالي نصف دزينة من الأفلام خلال السنوات الخمسة عشرة الأخيرة، واكتسب الكثير من المشجعين الأوفياء في أوساط هواة السينما العالميين، كما حصد العديد من الجوائز في مهرجانات كبرى حول العالم. وبالطبع فقد تم ترشيح فيلمه “خارج عن القانون” لجائزة الأوسكار المقبلة عن أفضل فيلم أجنبي، أما عرضه في مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي فهو مجرد إضافة لبريقه.

تحدث الكاتب والمحرر لدى مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي جفري رسنر مع بوشارب قبل أن يصل إلى الدوحة بفترة قصيرة، حول قصة هذا الفيلم والمواجهات في فرنسا ووجهة نظره حول صناعة الأفلام في الشرق الأوسط.

مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي: ما هي الأفلام التي أثرت في “خارج عن القانون“؟

رشيد: إنه مزيج من الأفلام. الكثير من الأفلام السياسية كفيلم “زد” للمخرج كوسترا غارفاس، وفيلم “معركة الجزائر” للمخرج جيلو بونتيكورفو. أيضاً فيلم “عناقيد الغضب“، للمخرج جون فورد والمقتبس عن رواية لـ شتاينباك، لعب دور البطولة فيه الممثل هنري فوندا. ولقد تأثر الفيلم أيضاً بأفلام كبرى أخرى كـ “دكتور جيفاغو“، و“حدث ذات مرة في أميركا“، بالاضافة إلى مجموعة متنوعة من الأفلام الايطالية واليونانية والفرنسية والأميركية. أهمها “جيش الأشباح” للمخرج جان بيار ملفيل، حول المقاومة الفرنسية في الحرب العالمية الثانية.

مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي: فيلم “خارج عن القانون” يصوّر الهجوم الفرنسي على سطيف والنضال الجزائري للاستقلال. كيف سيذكر التاريخ هذا النزاع برأيك، ولم اخترت العمل على هذا الفيلم بالتحديد؟

رشيد: كثيرون لا يعلمون قصة أو تفاصيل الحرب الجزائرية. بعد فيلمي الأخير “أيام المجد” الذي أرّخ للأحداث حتى عام 1945، رغبت أن أعمل على فيلم يؤرخ للفترة ما بين 1945 و1962. بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، عاد الكثير من جنود المستعمرات الأفريقية كـ الجزائر إلى أوطانهم وهم يتأملون برؤية التغيير، غير أن الحرب الجزائرية اندلعت في هذه الفترة. حين كنت أعمل على الفيلم الأول، أدركت أنه يجدر بي العمل على جزءٍ ثانٍ. هناك مشروع لجزء ثالث أيضاً، يؤرخ لخمسين عاماً من الهجرة، آمل إنجازه في مدة لا تزيد عن أربع أو خمس سنوات.

مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي: ما الذي حدث بالتحديد حين تم عرض الفيلم للمرة الأولى في مهرجان كان؟ فلقد وردت العديد من التقارير المتضاربة- البعض تحدث عن مظاهرات ضخمة وآخرون قالوا إن عدداً ضئيلاً من الخطباء حاولوا إثارة الناس. هل رأيت تلك الاحتجاجات وما رأيك بها؟

رشيد: كانت الاحتجاجات مؤلفة من عدد قليل من الأشخاص الذين لم تنته الحرب الجزائرية بالنسبة إليهم. كان الأمر أشبه بمحاولتهم الثأر. ولقد افتعلوا بعض المشاكل في بعض دور السينما الفرنسية في مارسيليا وبوردو حين تم عرض الفيلم. لكن العدد كان قليلاً. الوضع لا يزال يشوبه بعض الحساسية، نعم، نعم، نعم، وبعض الأشخاص لا يعلمون كيف يجب أن تكون نظرتهم إلى الماضي. حين تقرر كمخرج أفلام فتح هذا الباب، سيكون الأمر غالباً محاطاً بالصعوبة.

مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي: صورت مشاهد “خارج عن القانون” في أماكن عديدة من العالم، في بروكسل، وباريس، ونيويورك وأفريقيا الشمالية. كيف تصف تجربة التصوير في الجزائر وتونس مقارنةً مع مواقع التصوير الأخرى؟

رشيد: كان من الضروري التوصير في المواقع ذاتها التي قُتل فيها الجزائريون على يد المستعمرين الفرنسيين. تعلم أن تونس قريبة جداً من الجزائر وفيها الكثير من استوديوهات التصوير والفنانين والتقنيين الفرنسيين. صورت بعض المشاهد في نيويورك، لكن التصوير هناك أصعب بكثير من البلدان الأخرى. التصوير في تونس كان مريحاً جداً، والاستوديوهات سهّلت العمل كثيراً.

مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي: ما هي النصيحة التي يمكن أن توجهها للمخرجين الشباب الطموحين الذين يرغبون بصناعة أفلام سياسية جريئة؟

رشيد: أولاً، لا يجب أن لا يتعاملو مع الأمور بشكل سياسي. يجب أن تكون لديهم قصةً يروونها. فيلمي له خلفيةً سياسية، لكن بالنسبة لي، إنه قصة ثلاثة إخوة، قصة عائلة مؤثرة. دون شك، شخصيات الفيلم تتفاعل في موضوع أكبر من ذلك. لكني لم أبدأ بذلك. فقد اخترت أن أروي القصة العادية حول حياة بعض الأشخاص، ثم أن أسافر معهم داخل القصة الأكبر التي تجري وقائعها بين فرنسا والجزائر والحرب الجزائرية.

مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي: ما رأيك بالمشهد السينمائي في الشرق الأوسط – ليس بالأفلام وحدها ولكن بصناعة الأفلام بشكل عام؟

أنا لا أعرف عن الكثير من الأفلام التي يتم إنتاجها في المنطقة، ربما أربع أو خمس أفلام في السنة. نحن بحاجة لزيادة الانتاج. أعرف بعض المخرجين من المنطقة، وكلهم يعانون من صعوبات في إيجاد التمويل اللازم والتوزيع. في شمال أفريقيا يصعب إنتاج الأفلام بسبب عدم توفر إمكانية عرضها في الكثير من دور السينما – فمعظم المدن الكبرى لا تملك سوى ثلاث أو أربع دور عرض. فرنسا تنتج ما يقرب الـ 200 فيلم سنوياً، بفضل وجود آلاف دور العرض والقنوات التلفزيونية. أفريقيا بحاجة إلى المثل.

مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي: هل بإمكان الانترنت أن يساعد في هذه الناحية؟

رشيد: كلا. حين تنتج فيلماً، يجب أن يعرض في دور السينما. الانترنت هو وسيلة أخرى لعرض الفيلم، لكنه مختلف. لو كانت الأفلام تُعرض فقط على الانترنت، هل كنت تظن أن هوليوود ستكون موجودة اليوم؟ هوليوود لا زالت قائمة بفضل وجود العديد من دور السينما في أميركا وأوروبا. وحين ننشئ المزيد من دور السينما في الشرق الأوسط وأفريقيا، سيكون الأمر أكثر سهولة بالنسبة للانتاجات المحلية لتعويض استثماراتها.

مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي: هذه هي المرة الأولى التي تحضر فيها مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي، حيث سيتم عرض فيلمك إلى جانب العديد من الأفلام العربية، القصيرة والروائية. هل لديك ما تقوله حول مشهد المهرجانات المزدهرة في المنطقة؟

رشيد: تشكل المهرجانات دعماً هاماً للسينما. لكن يجب أن تشمل كذلك عدداً أكبر من الانتاجات المحلية. لم أرَ في حياتي فيلماً تم إنتاجه في دبي، ولا في أبو ظبي. حين تنظم هذه المدن مهرجانات سينمائية كبرى، يجب أن تتضمن إنتاجين محليين أو ثلاثة على الأقل. في مهرجان كان، يتم عرض الكثير من الأفلام الفرنسية كل سنة. في برلين، يعرضون دائماً أفلاماً ألمانية. كذلك الأمر في مهرجان ساندانس في أميركا وإيطاليا. إذاً أرى ضرورة أن تشمل المهرجانات السينمائية في الشرق الأوسط، عدداً أكبر من إنتاجات أفلام الشرق الأوسط.

blog comments powered by Disqus