المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد فيلم: ترو غريت 2010

11 فبراير 2011

للترجمة العربية اضغط على

True Grit - Trailer

بقلم ريم صالح، قسم وسائل الاعلام الجديدة، مؤسسة الدوحة للأفلام

المخرجون: إيثان كووين، جويل كووين

النوع: مغامرة، دراما الوسترن (أفلام رعاة البقر)

بطولة: جيف بريدجيز، وهايلي شتاينفلد، ومات دايمون

تقسم ماتي (هايلي شتانفلد) ذات الأربعة عشر ربيعاً لنفسها بأنها ستمسك يوماً ما بقاتل والدها، فتستأجر المارشال الأميركي روبن جاي. “روستر” كوغبرن (جيف بريدجيز)، المعروف بشدة عزمه، ليساعدها على تحقيق مرادها. وعلى الرغم من رفضه، يجد كوغبرن نفسه مرافَقاً من قبل الفتاة الشابة، في مهمة البحث عن القاتل توم تشايني (جوش برولين)، عبر أراضٍ تابعة للهنود الحمر. في جهة أخرى، يكون أحد حرّاس تكساس شديد الرغبة بالعثور على تشايني، لأسباب خاصة به، وسويةً، ينطلق الثلاثي في رحلة بحث تملؤها المغامرات والمخاطر.

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي واجهت الأخوين كووين – لم يكتفيا باعتماد نص رواية لتشارلز بورتيس صدرت عام 1968، بل أعادا إنتاج الفيلم الكلاسيكي لعام 1969 والذي كان لعب دور بطولته جون واين – لم يكفّ الثنائي عن إدهاشنا من خلال إعادة إحياء أسطورة حياة رعاة البقر، في إطار فيلم جدير بجوائز على مستوى الأوسكار، حاصداً حتى الآن ترشيحات لعشر جوائز أوسكار لهذا العام. وهذا ليس الفيلم الأول للأخوين حول رعاة البقر: فبعد فيلم “لا بلاد للعواجيز” عام 2007، “ترو غريت” يبدو خياراً مثيراً.

قصة الفيلم بسيطة، تدور حول ثلاث شخصيات رئيسية، تأخذك إلى عالم من المغامرة، في خضم ظروف طبيعية قاسية. وتصبح الجبال والثلوج وكأنها شخصية أخرى تلعب دوراً في الفيلم، مضيفةً بعداً جمالياً على القصة، يصاحبه تصوير مميز. تجد نفسك في مساحات خالية، ومشاهد طويلة، فيما الألوان المحيطة شاحبة، تظهر مدى قسوة الطبيعة، التي تجعل من الرحلة، جهاداً ما بين وعد قطعته الفتاة، وظروف خارجية بالغة الشدة. يتوه فيه الرجال على أحصنتهم في أراضٍ معادية: إنه اختبار حقيقي للشجاعة.

تجري أحداث فيلم “ترو غريت” بحسب وجهة نظر ماتي، وهي تروي القصة في البداية والنهاية: فهي الشخصية الرئيسية، وقد أدتها هايلي شتاينفلد بإتقان. بدون أن تفقد براءة الأطفال، تبقى امرأة فيها إصرار وذكاء، قادرة على اتباع قوانين لعبة الرجال. وبناءً على أدائها الرائع وترشحها لجائزة أوسكار، يبدو أننا سنراها في أفلام مستقبلية كثيرة.

شخصيتها تضفي على الفيلم تماسكاً، وفي كل مرة ينظر كوغبرن إليها، تستطيع الاستشفاف من نظراته الثاقبة أنه يرى نفسه فيها. في الفيلم الكلاسيكي، دور كوغبرن الذي كان قد لعبه جون واين، يقولها بشكل واضح: “إنها تذكرني بنفسي”. وفي هذه النسخة الحديثة، يظهر إعجابه بها بطريقة رقيقة، فتقف حائراً في كيفية تعاون هاتين الشخصيتين المتناقضتين مع بعضهما البعض. وقد أدّى جيف بريدجيز دور كوغبرن بمستوى عالٍ من الحرفية. فقد استطاع أن يدحض صورة البطل التقليدية، من خلال إظهاره بأنه خلف تعابيره القاسية، يوجد رجل فيه الكثير من العيوب: سكّير قديم، خسر مهاراته وقوته مع تقدمه في السن ومعاقرته للخمرة، ولكنه وجد سبباً يدفعه للمحاربة، بعد أن وجد لمس شجاعة الفتاة الشابة. إنه دور مميز آخر يؤديه جيف بريدجيز يستحق فعلاً ترشحه لجائزة أوسكار.

أما دور مات دايمون لـ لابوف، فهو أقل شأناً مقارنةً بدوري كوغبرن وماتي، ولكن لا يقل عنهما أهمية. فهو مزيج منهما: فيه اللطف، والطيبة، والعزم والمهارات العظيمة التي كانت لدى كوغبرن في الماضي، مؤججاً في كوغبرن نفسه التحدي لاستعادة نفسه، بينما يوفر الحماية لماتي.

تتخلل هذا الفيلم العديد من لحظات الانتظار: ألوان شاحبة في طبيعة قاسية، لكنة رعاة البقر الشديدة، غير المفهومة مرات كثيرة، وقصة بسيطة ترويها ثلاث شخصيات مرتبطة ببعضها البعض. غير أنه من الصعب الشعور بثقل الوقت، لا سيما مع التناغم الذي يلفّ عناصر القصة والفيلم، والذي لا يترك أي شيء للصدفة، مؤكداً مرة أخرى على المهارات الاخراجية الرائعة للأخوين كووين.

هذا الفيلم هو عبارة عن درس في العزم والاصرار والشجاعة، لا سيما حين تجتمع الأسباب المؤججة لها.

كتبت ريم صالح

blog comments powered by Disqus