المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: هروب من كوريا الشمالية

28 أبريل 2013

بقلم كمام المعاضيد

من أفلام مهرجان الجزيرة الدولي للأفلام التسجيلية 2013

منذ أن انفصلت كوريا إلى شمالية وجنوبية بعد الحرب العالمية الثانية، تمكّن أكثر من 20 ألف كوري شمالي من الهرب واللجوء إلى الدول المجاورة مثل كوريا الجنوبية وتايلاند وأميركا وكندا، وذلك بسبب صعوبة الحياة في ظل النظام الكوري الشمالي. لكن عملية الهروب بحد ذاتها أمر بالغ الصعوبة، يعرّضهم في حال حدوث أي خطأ والإمساك بهم إلى عقوبات شديدة على يد حكومتهم. من منا لا يرغب بأن يعرف كيف تتم عمليات التهريب هذه بسريتها التامة والاطلاع على التحديات التي تواجه الرحلة الشاقّة للهاربين؟

تحاول المخرجة آن شين في فيلم هروب من كوريا الشمالية الإجابة على هذا السؤال، فتصوّر لنا عملية هروب حقيقية حصلت ذات يوم من الأيام. تنضم المخرجة إلى “دراغن” من كوريا الشمالية، في عملية تهريبه لخمسة أشخاص، في رحلة تمتد 5000 كيلومتراً. تبدأ الرحلة من كوريا الشمالية إلى الصين ومنها إلى تايلاند ومشروع حرية محتمل يلوح في الأفق، تشوبه مخاطر جمّة.

إن الحكومة الكورية الشمالية بالغة التكتّم بشأن كل ما يدور على أراضيها، ومن المؤسف أننا لسنا محيطين بكل ما يحصل في الداخل. كل ما نعرفه أن هؤلاء المنشقّين يخاطرون بكل ما لديهم من أجل الحصول على فرصة حياة أفضل. أما القبض عليهم أثناء الهروب فيعني عقوبات صارمة، لا تطالهم وحدهم، إنما تطال عائلاتهم أيضاً. لهذا السبب تحرص شين على عدم الكشف عن هويات أبطال فيلمها أو حتى شخصية المهرّب دراغن، فهي تعمد إلى تغشية صور وجوههم حتى لا نعرف أشكالهم وتجري الأحاديث معهم في الظلمة حتى لا نتمكن من رؤيتهم. تصوّر شين معظم فيلمها بكاميرا مخبأة في حقيبتها، فالسرية التامة أمر ضروري، كما أن مجرد استخدام الهاتف الجوال قد يؤدي لكوارث كبيرة. وكنتيجة لذلك، لا يرى المشاهد إلا بعض أجزاء رحلة التهريب، لكنه يتمكن من الشعور بالخطر المحدق باستمرار في كل ثانية من الفيلم حيث نشعر بالتوتّر والخوف من أن يتم القبض على الأشخاص الذين يحاولون الهرب.

لكن شجاعة هؤلاء المنشقين مؤثرة جداً. تتجلّى في استجماعهم لكل قواهم وشجاعتهم ليس فقط من أجل الهرب، إذ أن نجاح مهمتهم لا يعني بالضرورة الوصول إلى مبتغاهم. فبعد تمكنهم من الخروج من كوريا الشمالية، عليهم أن يقدموا طلبات لجوء إلى الدولة التي وصلوا إليها، وهو أمر غير مضمون. لذلك إنها رحلة حياة أو موت بالنسبة إليهم. وفي حال نجحوا في الهرب والحصول على اللجوء، عليهم أن يبدأوا بالتأقلم مع أسلوب حياة جديد كلياً. الصعوبة في الموضوع تتجلى في أن دولتهم لقّنتهم طوال حياتهم أن الدول الأخرى تعاني من الفقر وأن شعوبها ترزح تحت وطأة أنظمتها السياسية. حين تعيش في ظل دولة تلقنك أموراً مماثلة طوال حياتك، يصبح من الصعب جداً عليك أن تتقدم وتتأقلم في حياة قيل لك مراراً وتكراراً إنها أسوأ من الحياة التي ستخلّفها وراءك.

في نهاية الفيلم، يتوجّه إلينا هؤلاء المنشقّون الهاربون بطلب المساعدة. إن رفض منحهم اللجوء السياسي يعني الموت ليس لهم فحسب، بل لجميع أفراد عائلاتهم التي تركوها في كوريا الشمالية. كم من سؤال وسؤال يتركه لنا الفيلم عن مدى العذاب الذي يعيشه الكوريون الشماليون.

ويحتوب الفيلم أيضاً على إشارات إلى قضايا الاتجار بالبشر وظلم الدولة وغسل الأدمغة التي تقوم بها الأنظمة الديكتاتورية. ماذا لو حاولت المخرجة شين التعمّق أكثر في عملها هذا؟ من المخيف حتى مجرد التفكير بما كانت ستخرج به أيضاً.

للترجمة العربية اضغط على

The Defector- Escape from North Korea - Trailer

إعلان فيلم "هروب من كوريا الشمالية"

blog comments powered by Disqus