المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: حب كراهية حب (2011)

02 مايو 2011

بقلم ريم صالح، قسم الاعلام الجديد، مؤسسة الدوحة للأفلام

الفيلم: حب كراهية حب
العام: 2011
إخراج: دانا ناشمان ودون هاردي
المنتج المنفذ: شون بن
النوع: وثائقي

“أنا خائف”. تلك هي الكلمات الأخيرة التي أرسلها بيتر ألدرمان في بريد ألكتروني إلى أخته، بعد الصور الفظيعة لبرجيْ التجارة العالمييْن وهما ينهاران أمام أعين العالم في 11 سبتمبر 2001. وفي أحداث مماثلة، هذه المرة في لندن، واجهت ميريام هايمان، 32 عاماً، مصيراً مشابهاً أثناء ركوبها الحافلة. أما بن توليبان، فلم يكن ليتخيّل أنه لن يكون باستطاعته السير كالسابق بعد أن انفجرت قنبلة موضوعة في سيارة في بالي. هؤلاء الأبرياء هم ضحايا الارهاب، وقد خلفوا وراءهم عائلات مدمرة غارقة في الحزن، واجهت صعوبات جمة في محاولتها تخطي هذه المحن، وأيضاً في محاولتها نسيان كيف تغيرت حياة إفرادها في طرفة عين. لكن هذه العائلات، اتخذت قراراً سيغيّر مصير العديد من الناس.

للترجمة العربية اضغط على

'Love Hate Love' - Trailer

إعلام فيلم حب كراهية حب

حين نعلم أن شون بن هو المنتج التنفيذي، وفرقة يو تو ساهمت في الموسيقى المرافقة، ندرك مباشرة أننا سوف نخوض تجربة بالغة الانسانية. أما المخرجيْن دانا ناشمان ودون هاردي، فيقدمان لنا درساً حول الصبر عبر قصص ثلاثة ناجين من العمليات الارهابية.

يبدأ الفيلم بأغنية من أوغنده، بصوت رائع. ثم تذهب بنا الكاميرا إلى منطقة ريفية هادئة، والتي قريباً ما سوف تضطرب بسبب الفظائع التي ينفذها البشر. خلف تلك الهضاب، تبدأ رحلتنا، شاملةً أماكن مختلفة من العالم، حيث يتوحد الألم والمعاناة مع الكون.

حين يقع الناس في الحزن، يجدون أنفسهم مضطرين لاتخاذ قرار حاسم: إما الغرق في التعاسة، أو الاستمرار بالعيش. وبعضهم، كالعائلات التي صورها الفيلم الوثائقي، يرفضون أن تسيطر عليهم الكراهية، ويقررون أن يمنحوا حبهم لمكافحة الكراهية التي سرقت منهم أحبائهم.

في أوغنده، خلف 30 عاماً من الحرب الأهلية جيلاً غير متمكن، لأن ذاكرته مليئة بالمشاهد الأكثر إثارة للرعب. كيف يمكن لأحد أن يشاهد منظر أفراد عائلته يذبحون أمام ناظريه؟ وأسوأ من ذلك، حين كان يتم إجبارهم على القتل؟ تلك هي العائلات التي قررت عائلة بيتر دعمها، في محاولة لدعم شعب أوغنده، ومساعدته في تخطي اضطراباته النفسية. أرادت عائلة بيتر منحه العناية اللازمة التي تمكنه من أن يكون لديه هدف كل صباح.

تذكر استر شقيقة ميريام، المرة الأولى التي ارتدت فيها ميريام نظارات: المرة الأولى التي شاهدت فيها الأشياء بعينيْها الجديدتيْن، وحين بدأت ترسم لكي تشاركنا نعمة الطبيعة والألوان التي كانت تراها للمرة الأولى. من هنا انطلقت فكرة نقل تقدير ميريام للحياة إلى الهند، للمساعدة في تأسيس عيادة عيون للأطفال. وبفضلها، أصبح بإمكان الأطفال الرؤية بشكل أفضل – تماماً كميريام.

وأخيراً بن، الذي فقد كلتا رجليْه في بالي، عاد إلى أستراليا وانتفض ضد إعاقته. وجد سبباً يمكنه من السير قدماً وذلك من خلال منح الأمل لمن هم في مثل حالته. رأى أن يتحدث إليهم، وأن يهدءهم ويطمئنهم أن كل شيء سيسير على ما يرام: ويبدو أن كل ما يحتاج إليه هؤلاء هو صوت بن وقوته وتصميمه وقصته لكي يستعيدوا الثقة بأنفسهم.

وخلال مشاهدتنا للفيلم، ننتقل من مشهد إلى آخر، وفي حين تترابط القصص من خلال الصور، تبدو كل عائلة وكأنها تتحدث بالنيابة عن الأخرى. وأثناء التطور المتوازي للقصص الثلاثة، ينتهي بك المطاف إلى أن تشعر بأنها تمثّل صوتاً واحداً. إنه فيلم وثائقي يفتح أعيننا على النعم العديدة التي نتمتع بها، ويبرهن لنا بأنه وعلى الرغم من كل الظروف التي مرّينا بها، هناك دائماً سبب لكي نستمر بالعيش، والأهم، أنه هناك دائماً مساحة لكي نساهم في أن يصبح هذا العالم مكاناً أفضل.

blog comments powered by Disqus