المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: هيتشكوك

06 مايو 2013

محاولة أخرى تعود بالمخرج الكبير الراحل ألفرد هيتشكوك إلى الشاشة الكبيرة. لكن لا شك وأنها محاولة أبلغ وأذكى وأمتع من سابقاتها. فالدخول إلى عالم هيتشكوك أمر محفوف بالمخاطر، والقدرة على نقل ولو طابع واحد من شخصيته الفذة وموهبته السينمائية المذهلة ليست بالشيء اليسير. لذلك يفاجئنا المخرج ساشا جيرفازي في فيلمه هيتشكوك حين يدخل إلى عالم هذه الشخصية المرموقة بكامل الجرأة والعزم.

يتناول جيرفازي أبرز ما تميّز به الراحل هيتشكوك من طريقة التصوير والأسلوب الاخراجي المميّز. يصوّره لنا وهو يحدّق عبر الزوايا والنوافذ ويسترق النظر عبر قدوح الجدران كالجواسيس. هذا النوع من المشاهد يدغدغ مشاعر معجبي عشّاق هيتشكوك، الذين يجدون فيها ما يذكرهم بأحد أفلامه. فمثلاً مشاهد التلصّص هذه ستذكرهم بفيلم النافذة الخلفية الذي أنتجه عام 1954. يروي هذا الفيلم قصة مصوّر فوتوغرافي مُقعد، يقضي وقته بمراقبة جيرانه، مما يوصله إلى قناعة بأن أحدهم ارتكب جريمة.

لكن الاضاءة الأبرز على حياة هيتشكوك وطريقة عمله كانت عبر الفيلم الشهير سايكو الذي أنتجه عام 1960 واقتبس أحداثه عن قصة واقعية، وشخصية أد جين الحقيقية، أخطر المجرمين على الاطلاق.

عمد المخرج جيرفازي إلى تصوير شخصية جين وهو يلاحق هيتشكوك ويأرق أوقاته، هامساً في أذنه تعليمات وإرشادات، تقود خطواته بشكل سليم ومشوّق أثناء صناعة الفيلم. وفي الحقيقة لا بد وأن جيرفازي كان يهدف إلى إلقاء بعض الاضاءة على ما كان يعتمل في رأس هيتشكوك أثناء عمله على أفلامه، ومدى غوصه في شخصياتها، لينجز لنا في النهاية عملاً فريداً. يجد المشاهد نفسه داخل عالم المجرم جين، عبر هذه المشاهد، في قبو منزل والدته مثلاً. يخلط جيرفازي الأوراق، متنقلاً بسلاسة ما بين حياة هيتشكوك الواقعية وخياله.

لقد كان هيتشكوك، بحسب ما جاء في الفيلم، يمسك بالسكين في يديه، ويطلق الصيحة الشهيرة في فيلم “سايكو” والتي ما زالت ترن في رؤوس الكثير من المشاهدين منذ أطلقت للمرة الأولى في صالات السينما في خمسينيات القرن الماضي. هكذا كان يحاول أن يفهم الشخصيات والمجرمين، قبل أن يُلحق أدوارهم بأحد الممثلين.

ينقل إلينا جيرفازي كل جوانب شخصية هيتشكوك المظلمة والفكاهية، مكوّناً لدينا فكرة كاملة عن الطريقة التي كان يعتمل فيها إبداعه داخل نفسه، والذي أدى في النهاية إلى إنتاج أروع أفلام الجريمة والرعب والنفسية في العالم.

ولا يغفل جيرفازي عن الاضاءة على الأسلوب الذي تميّز به هيتشكوك في أفلامه، وهو الظهور الخاطف في معظم أفلامه. بات ذلك رياضة يحبها عشاق المخرج الكبير، الجلوس وتتبّع الفيلم بحرص للتمكن من اقتفاء ظهوره الخاطف في أحد المشاهد.

سيطالع عشّاق هيتشكوك الكثير من المشاهد التي ستشعرهم بالحنين وسيتمكنون من النظر إلى داخل عقل هذا المخرج العظيم. أما بالنسبة لمن لا يعرفون الكثير عنه ويرغبون بتكوين فكرة عن هذا الرجل، بإمكانكم الاطلاع على هذه المقابلة.

إليكم أيضاً لائحة بأبرز الأفلام التي أخرجها هيتشكوك ولا يجب أن تفوتكم:
حبل

النافذة الخلفية

فيرتيجو

نورث باي نورث وست

سايكو

العصافير

39 خطوة

اختفت السيدة

اشتباه

سبيل باوند

غرباء في القطار

الستارة الممزقة

blog comments powered by Disqus