المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: الخروج من القاهرة (2010)

25 أبريل 2011

بقلم ريم صالح من قسم الاعلام الجديد بمؤسسة الدوحة للأفلام

الفيلم: الخروج من القاهرة
العام: 2010
إخراج: هشام عيساوي
النوع: دراما
بطولة: محمد رمضان، ماريهان، سنا موزيان، صفاء جلال، أحمد بدير
البلد: مصر

تنتمي الشابة أمل (ماريهان) البالغة من العمر 18 عاماً إلى عائلة أوثوذوكسية بينما يتبع حبيبها طارق (محمد رمضان) الديانة الاسلامية. ويبدو أن الاثنين يغامران بالخوض في هذه العلاقة تحكمها العديد من القيود الاجتماعية والدينية. ويتوق الحبيبان الآتيان من شوارع القاهرة البائسة “لمخرج“؛ يريد طارق أن يرحل من مصر عن طريق البحر والهجرة غير الشرعية، أما حرية أمل فتعتمد على وجوده بقربها. تريد أن ترافقه، لكن ولاءها لوالدتها يوقعهما في صراع. شاهد إعلان الفيلم هنا .

ويضيء الفيلم على الواقع المر الذي كان يسود مصر قبل الثورة وكفاح جيل الشباب. كلمة “الخروج” تحمل في طياتها معاني عديدة، وكل شخصية تنظر إليها من منظور مختلف: فبالنسبة لطارق وأمل، تعني أن يكونا سوياً بعيداً عن أرض الفراعنة؛ أما بالنسبة لحنان (صفاء جلال)، التي تلعب دور الأم العازبة، تعني قيامها بتنازلات كبرى من أجل تأمين مستقبل ابنها الوحيد، وبالنسبة لرانيا (سنا موزيان) – صديقة أمل المقرّبة – تعني طرح فكرة الحب جانباً والزواج من أجنبي هرم وغني.

تلك “المخارج” تعني الحرية المطلقة التي تبحث عنها شخصيات الفيلم. في ظروفهم، يسعى هؤلاء الأشخاص لتأمين احتياجاتهم الأساسية فقط، ويصبح الأمل بحياة أفضل، رفاهية بعيدة المنال لا يتحملون تكاليفها. وكما تقول أمل في الفيلم: “الحب ليس لأشخاص مثلنا”. ليس هناك من شيء سوى هاوية تجر هؤلاء المصريين اليانعين إلى قدر مجهول في عالم مليء باللصوص والسفاحين والمخدرات. إنها كالشبكة، ينتهي فيها كل شقاء إلى شقاء آخر. يضيف طارق: “أنا مستعد للعيش مع الأشباح لو أعطوني حقوقي”.

في مقابلة يقول هشام عيساوي، مخرج الفيلم، إن النهاية كان يمكن أن تكون مختلفة لو كان صدر الفيلم بعد سقوط نظام مبارك، مما يعني أن مصر الجديدة هي أكثر تفاؤلاً.

كما أنه نجح في تصوير المحرمات في إطار لا يمكنك من الحكم على الشخصيات أبداً: حيث عذرية الفتاة، والمخدرات والدعارة هي تفاصيل سخيفة و-أحياناً – “مخارج” مبررة. نجد أنفسنا أيضاً نتعاطف مع الشخصيات الأنثوية اللواتي تقدن حروباً في العالم الذكوري. معظم الرجال في الفيلم مصورين بازدراء: الابن والخطيب اللذان يهجران نساءً محطمات القلوب، وزوج الأم الذي يسيء معاملة عائلته الجديدة، وصاحب العمل الشنيع.

يقودني ذلك إلى طريقة أداء محمد رمضان الرائعة وموهبته الفذة. رمضان في نظري أحمد زكي الثاني . لديهما الشغف ذاته في تقاسيمهما: شغف قد يحمل بسهولة في طياته كل ألوان الشقاء، لكن بشيء من كبر النفس نادر الوجود. أما الممثلين الآخرين في هذا الفيلم، فهم ليسوا على قدر أدنى من الأهمية، بل على العكس. نحن مدعوون لأن نتوقع المزيد من أبطال الفيلم، لا سيما رمضان وماريهان التي تخوض تجربتها التمثيلية الأولى، والتي اكتشفها هذا الفيلم المستقل.

يمكن القول إن الفيلم يلقي الضوء على حياة الملايين من الناس الذي يكافحون من أجل الحصول على حرياتهم في مصر. ومع مواهب جديدة على الشاشة الكبيرة، ومصر جديدة، أنا أعلق الكثير من الآمال على مستقبل السينما المصرية. ولم لا نستعيد العصر الذهبي back مرة أخرى!

blog comments powered by Disqus